للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير:

قوله تعالى:

«ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» .

هذا مثل آخر، ضربه الله سبحانه، من واقع الناس، وعلى مستوى وجودهم فيه، ليروا من خلال هذا المثل ما ينبغى لله من كمال.

ففى الآية السابقة على هذه الآية، وهى قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» مثل مضروب من واقع الناس في حياتهم، وهو أن تشكيل الأشياء على صورة معروفة للناس، أهون عليهم من ابتداع هذه الصورة، واختراعها.. وكذلك- مع بعد ما بين قدرة الله وقدرة الناس- يكون بعث الموتى من قبورهم، وإعادتهم إلى الصورة التي كانوا عليها، ليس أمرا مستبعدا، حتى ينكره المنكرون، ويمارى فيه الممارون، إذ كان ذلك البعث إعادة للشىء إلى ما كان عليه، وإعادة الشيء- كما هو معروف عندهم ومسلّم به لديهم- أهون وأيسر من خلقه ابتداء..

وفي هذه الآية مثل للذين يجعلون لله أندادا، ويتخذونهم أربابا، يحبونهم كحب الله، بل ويؤثرونهم بالحب والولاء ... !

وفي هذا المثل يطلب إلى المشركين أن ينظروا إلى أنفسهم، وإلى الوضع الذي بينهم وبين عبيدهم، وما ملكت أيمانهم.. أيرضى هؤلاء السادة أن يسلّموا لعبيدهم- وهم بشر مثلهم- أن يشاركوهم فيما أتاهم لله من مال ومتاع؟

وأن يقفوا منهم موقف الند والشريك؟ وأن يحاسبوهم فيما يجرون عليه من

<<  <  ج: ص:  >  >>