للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالمين، إذ كانت منها هذه الآية العجيبة، وتلك المعجزة الفريدة بين المعجزات! ومن حقّ هذا الاصطفاء الذي أضفاه الله على «مريم» أن تتلقاه بالشكران والحمد لله ربّ العالمين، فكان أن وجهها الله سبحانه، إلى هذا بقوله:

«يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ» والقنوت هو الخضوع لله، والولاء المطلق لعزته وجلاله، والسّكن إلى نعمه وأفضاله..

والسجود والركوع عملان من عمل الجوارح لعبادة الله، والولاء له.

فالقنوت عبادة صامتة مكانها القلب.. والسجود والركوع عبادة ظاهرة، مظهرها الجوارح.. وبالقنوت، والسجود، والركوع، يصبح باطن الإنسان وظاهره جميعا مشتغلا بعبادة الله، متجها إليه، قائما على الولاء له.. وهذا هو أكمل العبادة وأتمها.

[الآية: (٤٤) [سورة آل عمران (٣) : آية ٤٤]]

ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)

التفسير: الإشارة هنا، إلى ما ذكره الله سبحانه وتعالى من أخبار امرأة عمران، وزكريا، ومريم ابنة عمران.. وهى مما غاب أمره عن الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- ولم يكن عنده من أخبارها شيئا.. فهى غيب بالنسبة الرسول، وإن كان عند أهل الكتاب شىء منها! وقوله تعالى: «وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ» تأكيد لما بين الرسول، وبين هذه الأحداث من بعد، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>