للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى القلب شيئان ينقض أحدهما ما يبنيه الآخر ... فلا يجتمع في القلب إيمان وكفر، ولا يسكن إليه إيمان يخالطه نفاق..

وفي قوله تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ» - إشارة إلى أن الأمانة هى مما يحمل القلب، وأنه كما انفرد القلب بالسلطان على الجسم، كذلك تنفرد الأمانة بالسلطان على القلب.

وعلى ضوء هذا نستطيع أن نفهم «الأمانة» على أنها التكاليف الشرعية التي ائتمن الله سبحانه وتعالى الإنسان عليها، ودعاه إلى رعايتها وحفظها، وأدائها على وجه مقبول.. فيثاب على أدائها، ويعاقب على خيانتها وعدم الوفاء بها..

والعقل هو مناط التكليف.. حيث لا يقع التكليف على غير قادر مريد، مدرك لما كلّف به.. وبغير العقل لا يكون إدراك، ولا تجتمع إرادة، ولا تتحرك قدرة..

وإذ كان الإنسان هو الكائن الذي أوتى عقلا وإدراكا، من بين الكائنات، فقد كان هو الكائن الذي اختصّ بالتكليف، وبحمل أمانة ما كلّف به.

فالعقل هو المتلقى لتلك الأمانة التي عجزت السموات والأرض والجبال عن حملها..

وتلقى العقل للأمانة، هو بإدراك مالله سبحانه وتعالى من كمالات، وبهذا استحق الإنسان أن يخاطب من الله خطاب تكليف، وأن ينظر بعقله فيما كلّف به من أمر أو نهى، وأن يتعرف به ما أحل الله وما حرم، وأن يميز به الطيب من الخبيث.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>