للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: علماء أهل الكتاب هم الذين أفسدوا على الناس دينهم، فغيروا، وبدلوا، وحرفوا.. وهذه خيانة لله، وخيانة للعلم، إذ كان العلماء هم ورثة الأنبياء، وهم المؤتمنون على دعوة السماء، بعد الرسل، يعلّمون الجاهلين، ويهدون الضالين، ويقيمون المنحرفين، فإذا تحول العلماء أنفسهم إلى أدوات هدم وتدمير فى المجتمع، كانت المصيبة قاصمة مهلكة! من أجل هذا، كانت دعوة الله سبحانه وتعالى إلى الأمة الإسلامية، أن تندّب منها أمة، أي جماعة، يتولون قيادة الناس، وهدايتهم إلى سبل الرشاد..

فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. وبهذا يقومون فى المجتمع مقام الأطباء، الذين يرصدن الآفات والأمراض التي تعرض للناس، فيعملون على دفعها، والقضاء عليها.. ويمكن أن يكون قوله تعالى: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» دعوة للأمة الإسلامية كلها أن تكون على تلك الصفة.. أمة تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر. ويكون معنى «من» فى «منكم» للبيان لا للتبعيض، وهذا ما يناسب قول الله تعالى بعد هذه الآية: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.»

(١١٠: آل عمران) وسواء أكان الأمر موجها إلى الأمة الإسلامية كلها، أو إلى جماعة العلماء المتخيّرة فيها، فإنّ معطيات هذا الأمر واحدة، حيث تكون الأمة كلها منقادة للقيادة الرشيدة فيها، وهى جماعة العلماء العاملين بعلمهم، الداعين إلى الخير، الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، وبهذا تصبح الأمة كلها على هذا الطريق المستقيم.

وإذ يأمر الله تعالى الجماعة الإسلامية بهذا، فإنه يحذّرها من أن تذهب مذاهب

<<  <  ج: ص:  >  >>