للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: فى قوله تعالى: «إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ» تذكير للمسلمين بما كان منهم فى هذه المعركة- معركة أحد- وغمزة عتاب لهم على أن فرّوا صاعدين الجبل، لا يلوون على أحد، أي غير ملتفتين إلى من وراءهم.. وإن وراءهم إخوانا لهم صمدوا للمشركين، واستقبلوا الموت راضين.. بل وراءهم، نبيّهم يواجه العدوّ وحده فى بضعة رجال من أصحابه.. فكيف يفرّون؟ ثم إذا كانت منهم فرّة أفلا كانت منهم لفتة إلى النبىّ وقد أحاط العدوّ به؟ ثم ألا كانت منهم كرّة إلى العدوّ، يدفعون يده الضاغطة على رسول الله ومن معه؟ وهل شىء أحبّ إلى المسلم وأعزّ عنده من النبىّ.. ولو كانت نفسه التي بين جنبيه؟ إن ذلك خيانة للنفس ذاتها، وتضييع لها، بسلبها هذا الشرف العظيم، شرف الدفاع عن رسول الله، والموت فى موطن الدفاع عنه! وفى قوله تعالى: «وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ» مواجهة صريحة للمسلمين الذين فرّوا صاعدين فى الجبل، وأنهم أمعنوا فى الفرار، وبعدوا عن ميدان المعركة.. حتى لا يكاد صوت الرسول يبلغ مؤخرتهم وهو يهتف بهم:

إلىّ عباد الله!! وقوله تعالى: «فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ» .

الإثابة من الثواب، وهو الجزاء على عمل الإحسان بالإحسان! وفى التعبير بالإثابة عن الغمّ بالغمّ، إثارة لمشاعر الندم عند هؤلاء المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>