للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً» أي وجعل فى هذه السموات التي يعلو بعضها بعضا، ويطبق بعضها على بعض- جعل فى هذه السموات: القمر، مبعثا للنور، وجعل الشمس سراجا، يبعث الضوء والحرارة معا..

فالنور الذي يصدر عن القمر، هو نور لا حرارة فيه، لأنه من انعكاس ضوء الشمس على جسمه المعتم، فإذا انعكس الضوء على هذا الجرم، شعّ منه هذا النور الذي يبدد ظلمة الليل، ويملأ العيون بهجة، والقلوب أنسا..

أما الشمس، فهى سراج يتوقد، كما يتوقد السراج، فترسل الضوء والحرارة.. وهى سرّ حياة الكائنات الحية، وسر حركة الهواء، ونزول الأمطار، ونور القمر.. وغير ذلك كثير، مما كشف عنه العلم.

قوله تعالى:

«وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً» هو من حديث نوح إلى قومه أيضا.. إنه يكشف لهم فى هذا الحديث عن تطورهم فى الخلق، وأنهم نبتوا من الأرض، كما ينبت النبات.. فمن تراب هذه الأرض تخلقت الكائنات الحية، ومن ترابها تخلق الإنسان..

وإن أقرب صورة وأظهرها لتخلقه من الأرض: أن هذه النطفة التي تخلّق منها، هى من نبات الأرض، أي من الغذاء الذي مصدره هذا النبات.. فإذا امتد النظر إلى آفاق بعيدة وراء هذه النظرة المحدودة القريبة، أمكن أن يرى على الأفق البعيد: أن الإنسان فرع من شجرة الحياة التي تضرب جذورها فى أعماق بعيدة من الأرض «١» ..


(١) انظر فى هذا المبحث الخاص فى سورة البقرة: «آدم، ومادة خلقه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>