للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ» ردّ على أولئك الذين يتمنون على الله الأمانىّ، دون عمل..!

والأمانىّ التي لا ترتبط بعمل، ولا تتجه إلى هدف، هى أباطيل وأضاليل وأوهام وأضغاث أحلام، لا يمسك منها صاحبها إلا سرابا، ولا يجنى منها إلا حسرة وندما على ما كان من تفريط وتقصير..

وإذن فليس الإيمان مجرد كلمة يتلفظ بها الإنسان، ليدخل بها فى جماعة المؤمنين، وليتخذ منها زيّا يندسّ به بينهم، وينال ما ينالون، ويطعم بما يطعمون، مما أعد الله لهم من رضوان، وجنات لهم فيها نعيم مقيم.. هكذا من غير أن يكون منه عمل صالح! بل الإيمان فى حقيقته، قول وعمل، معتقد وسلوك.. فمن لم يحقق الإيمان على هذا الوجه فليس مؤمنا، وليس له أن ينال شيئا مما أعد الله للمؤمنين..

ولهذا جاء قوله تعالى: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» ليقرر هذا المضمون الذي احتواه قوله سبحانه «لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ» فى جانب الذين يتمنون الأمانى الباطلة، فلا يكون منهم عمل صالح.. فهؤلاء سيجزون سوء ما عملوا، وليس لهم من يدفع عنهم أخذ الله لهم..

وقوله تعالى: «وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً» هو تقرير لمصير الجانب الآخر، المقابل لأولياء الشيطان، وهو جانب أولياء الله، الذين لم يفتنهم الشيطان، ولم يغرقهم فى الأمانىّ الباطلة.. فهؤلاء آمنوا وعملوا الصالحات، أي أنهم آمنوا بالله، ثم حوّلوا هذا الإيمان إلى سلوك وعمل، فغرسوا فى مغارس

<<  <  ج: ص:  >  >>