للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل ما أوصيه به (١٩) ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامى الذي يتكلم به باسمي، أنا أكون المنتقم منه.

فحرفوا هذه البشارة به وأولوها بما يوافق أهواءهم.

وكانت لهم مواسم دينية تذكرهم بنعم الله عليهم، وتكون باعثا على إقامة الدين والعمل به، لكن طول العهد جعل القلوب قاسية فخرجت عن تعاليم الدين، واتباع الخير وسلوك طريق الرشاد، واستمسك الأحبار بالظواهر وقلدهم في ذلك العامة، فما كانوا يعرفون من الدين إلا العبادات العامة، والمراسم الدينية، وما عدا ذلك مما لا فائدة لهم فيه ولا هوى، يلجئون فيه إلى التأويل والتحريف حتى لا يصادم أهواءهم وشهواتهم.

[الإيضاح]

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) الخطاب موجه إلى حملة الكتاب من الأحبار والرهبان، فقد روى عن ابن عباس أن الآية نزلت في أحبار المدينة، كانوا يأمرون من نصحوه سرّا بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا يؤمنون به، وقال السّدى: إنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله تعالى وينهونهم عن معصيته وهم يفعلون ما ينهون عنه.

والمراد من النسيان هنا الترك، لأن من شأن الإنسان ألا ينسى نفسه من الخير ولا يحب أن يسبقه أحد إلى السعادة، وعبر به عنه للمبالغة في عدم المبالاة والغفلة عما ينبغى أن يفعله، أي إذا كنتم موقنين بوعد الكتاب على البرّ ووعيده على تركه فكيف نسيتم أنفسكم؟

ولا يخفى ما في هذا الأسلوب من التوبيخ والتأنيب الذي ليس بعده زيادة لمستزيد، فإن الآمر بما لا يأتمر به تكون الحجة عليه قائمة بلسانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>