للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى أن الآية نزلت فى كعب بن مالك من بنى سلمة ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف والربيع وهلال بن أمية من بنى واقف حين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر.

[الإيضاح]

(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) أي لا يكون القاعدون عن الجهاد بأموالهم بخلا بها وحرصا عليها، وبأنفسهم إيثارا للراحة والنعيم على التعب وركوب الأخطار- مساوين للمجاهدين الذين يبذلون أموالهم فى الاستعداد للجهاد بالسلاح والخيل والمئونة، ويبذلون أنفسهم بتعريضها للقتل فى سبيل الحق ومنع تعدى حزب الطاغوت، لأن المجاهدين هم الذين يحمون الأمة والبلاد، والقاعدين لا يأخذون حذرهم ولا يعدّون عدّتهم للدفاع ويكونون عرضة لتعدى غيرهم عليهم كما قال تعالى «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ» أي بغلبة أهل الطاغوت عليها، ولكن النكوص عن الجهاد لا يكون مذمة وبخلا إلا مع القدرة، أما مع العجز والضرر كالعمى والزمانة والمرض فلا تبعة فيه حينئذ.

ثم بين ما أجمله أولا من التفاضل الذي بين الفريقين وعدم تساويهما فقال:

(فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) أي إن الله تعالى رفع المجاهدين على القاعدين درجة لا يقدر قدرها ولا يدرك كنهها، وهى ما خوّلهم الله عاجلا فى الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل ودفع شر الأعداء عن الأمة والبلاد.

(وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) أي ووعد الله كلا ممن جاهد وقعد عن الجهاد عجزا منه مع تمنى القدرة عليه المثوبة الحسنى وهى الجنة، فكل منهما كامل الإيمان مخلص لله فى العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>