للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا من لنا بحرّ الشمس؟ فظلّل عليهم الغمام، وقالوا من لنا بالطعام؟ فأنزل الله عليهم المنّ والسّلوى، وقالوا من لنا بالماء؟ فأمر موسى بضرب الحجر.

[الإيضاح]

(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) أي طلب لهم السّقيا من الله تعالى بأن يسعفهم بماء يكفيهم حاجاتهم في هذه الصحراء المحرقة.

(فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) أي فأجبناه إلى ما طلب، وأوحينا إليه أن اضرب الحجر بعصاك، وقد أمره أن يضرب بعصاه التي ضرب بها البحر حجرا من أحجار الصحراء، قال الحسن لم يكن حجرا معينا، بل أىّ حجر ضربه انفجر منه الماء، وهذا أظهر في حجة موسى عليه السلام، وأدلّ على قدرة الله تعالى وقد سماه في سفر الخروج الصخرة.

(فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) أي فضرب فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا بقدر عدد الأسباط، فاختصّ كل منهم بعين حتى لا تقع بينهم الشحناء، كما يرشد إلى ذلك قوله.

(قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) أي قد صار لكل سبط منهم مشرب يعرفه، لا يتعداه إلى مشرب غيره.

قال النّطاسى البارع المرحوم عبد العزيز باشا إسماعيل في كتابه: (الإسلام والطب الحديث) ما خلاصته:

إن الله تعالى كان قادرا على تفجير الماء وفلق البحر بلا ضرب عصا، ولكنه جلّت قدرته أراد أن يعلم عباده ربط المسببات بأسبابها ليسعوا في الحصول على تلك الأسباب بقدر الطاقة.

إلى أنه تعالى خلق الإنسان محدود الإدراك والحواس، لا يفهم إلا ما كان في متناول يده ويقع تحت إدراكه وحسه، فإن رأى شيئا فوق طاقته اجتهد في رده إلى ما يعرف،

<<  <  ج: ص:  >  >>