للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكنه فى الأرض أو فى الشيء: جعله متمكنا من التصرف فيه، ومكن له: أعطاه أسباب التمكن فى الأرض كقوله: «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ» وقوله: «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً؟» والسماء: المطر والمدرار: الغزير.

[المعنى الجملي]

بعد أن أرشد سبحانه فى الآيات السالفة إلى دلائل وحدانيته، ودل على أنها مع ظهورها لم تمنع الكافرين من الشك، وإلى دلائل البعث، وأنها على شدة وضوخها لم تمنع المشركين من الشك والريب، وإلى أن الله المتصف بتلك الصفات التي تعرفونها هو الله المحيط علمه بما فى السموات والأرض فلا ينبغى أن يشرك به غيره فيهما، ولكن المشركين جهلوا ذلك وجوّزوا أن يكون غير الرب إلها، بل عبدوا معه آلهة أخرى.

ذكر هنا سبب عدم اهتدائهم بالوحى، وأنذرهم عاقبة التكذيب بالحق ولفت أنظارهم إلى ما حلّ بالأمم قبلهم حين كذبوا رسلهم لعلهم يرعوون عن غيهم ويثوبون إلى رشدهم.

[الإيضاح]

(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) أي وما تنزل عليهم آية من آيات القرآن التي من جملتها تلك الآيات الناطقة بتفصيل بدائع صنع الله المنبعثة بجريان أحكام ألوهيته على جميع الكائنات- إلا أعرضوا عنها استهزاء وتكذيبا غير متدبرين معناها، ولا ناظرين فى دلالتها.

ولما بين سبحانه أن شأنهم الإعراض عن الآيات المنزلة رتّب عليه قوله:

(فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) أي فبسبب ذلك الإعراض العام عن النظر فى الآيات كذبوا بالحق الذي جاءهم حين جاءهم ولم يترّيثوا ولم يتأملوا، لأنهم سدوا على أنفسهم مسالك العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>