للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن أبان سبحانه فى الآيات السالفة ما لحق فرعون وقومه من الهلاك بسبب استكباره وظلمه وفساده فى الأرض- ذكر هنا سنته تعالى فى ضلال البشر بعد مجىء البينات وتكذيبهم لدعاة الحق والخير من الرسل وأتباعهم، وأبان أن السبب الأول لذلك هو التكبر، فإن من شأن الكبر أن يصرف أهله عن النظر والاستدلال على الحق والهدى، فهم يكونون دائما من المكذبين بالآيات الدالة عليه، ومن الغافلين عنه كما هى حال الملوك والرؤساء والزعماء الضالين كفرعون وملئه.

وفى هذا إيماء للنبى صلى الله عليه وسلم بأن الطاغين المستكبرين من صناديد قومه لن ينظروا فى دعوته ولا فى آيات القرآن الدالة على وحدانية الله بما أقامته عليها من البراهين الكثيرة من آيات كونية، وآيات فى الآفاق والأنفس.

وجملة الموانع الصادّة لهم عن اتباعه ترجع إلى التكبر، فإنهم بزعمهم يعتقدون أنهم سادة قريش وكبراؤها وأقوياؤها فلا ينبغى أن يتبعوا من دونهم سنا وقوة وثروة وعصبية.

[الإيضاح]

(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي سأمنع قلوب المتكبرين عن طاعتى وعلى الناس بغير حق- فهم الأدلة والحجج الدالة على عظمتى وعلى ما فى شرائعى من هدى وسعادة لهم كما قال «فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» كما منعت فرعون وقومه عن فهم آيات موسى التي أوحيتها إليه، وقوله بغير الحق أي بتلبسهم بالباطل وانغماسهم فيه- إذ لا قيمة للحق فهم لا يبحثون عنه ولا يطلبونه، وقد تظهر لهم آياته ويجحدونها وهم بها موقنون كما قال تعالى فى قوم فرعون «وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>