للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبت حذرا من صيدهم لاعتيادها أحوالهم قيل إنها اعتادت ألا يتعرض أحد لصيدها يوم السبت فأمنت وصارت تظهر فيه وتخفى فى الأيام التي لا يسبتون فيها لما اعتادت من اصطيادها فيها، فلما رأوا ظهورها وكثرتها فى يوم السبت أغواهم ذلك بالاحتيال على صيدها فيه.

(كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي مثل هذا البلاء بظهور السمك يوم السبت نبتليهم ونعاملهم معاملة المختبر لحال من يراد إظهار حاله ليترتب الجزاء على عمله بسبب فسقهم المستمر على أمر ربهم واعتدائهم حدود شرعه، فقد جرت سنة الله بأن من أطاعه سهل له أمور الدنيا وأجزل له الثواب فى الآخرة، ومن عصاه: ابتلاه بأنواع المحن والبلاء.

(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً؟) أي واسألهم عن حال أهل تلك القرية حين قالت جماعة منهم هذه المقالة، وفى ذلك دلالة على أن الذين كانوا يعدون فى السبت بعض أهل القرية لا جميعهم وأن أهلها كانوا فرقا ثلاثا:

(١) فرقة العادين فى السبت التي أشير إليها فى الآية الأولى.

(٢) فرقة الواعظين لهؤلاء العادين لينتهوا عن عدوانهم ويكفّوا عنه.

(٣) فرقة اللائمين للواعظين التي قالت لهم: لم تعظون قوما قد قضى الله عليهم بالهلاك بالاستئصال أو بعذاب شديد دون الاستئصال، أو المراد مهلكهم فى الدنيا ومعذبهم فى الآخرة.

(قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي قال الواعظون للائمين لهم: نعظكم عظة اعتذار نعتذر بها إلى ربكم عن السكوت على المنكر، فإذا طولبنا بإقامة فريضة النهى عن المنكر قلنا قد فعلنا فنكون بذلك معذورين- إلى أنا نرجو أن ينتغعوا بالموعظة فيحملهم ذلك على اتقاء الاعتداء الذي اقترفوه، إذ نحن لم نيأس من رجوعهم إلى الحق كما أنتم منهم يائسون.

<<  <  ج: ص:  >  >>