للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(١) (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا) أي لو خرج هؤلاء المنافقون المستأذنون فى القعود معكم، ما زادوكم قوة ومنعة وإقداما كما هو الشأن فى القوى المتحدة فى العقيدة والمصلحة، بل زادوكم اضطرابا فى الرأى وضعفا فى القتال ومفسدة للنظام، كما حدث مثل ذلك فى غزوة حنين، فقد ولّى المنافقون الأدبار فى أول المعركة وولى على إثرهم ضعفاء الإيمان من طلقاء فتح مكة، ومن ثم اضطرب نظام الجيش، فولّى أكثر المؤمنين معهم بلا تدبر ولا تفكير كما هو الشأن فى مثل هذه الأحوال.

(٢) (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) أي ولأسرعوا فى الدخول فيما بينكم سعيا فى النميمة وتفريق الكلمة، يبغون بذلك تثبيطكم عن القتال وتهويل أمر العدو وإيقاع الرعب فى قلوبكم.

(٣) (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) أي وفيكم ناس من ضعفاء الإيمان أو ضعفاء العزم يسمعون كلامهم، فإذا ألقوا إليهم شيئا مما يوجب ضعف العزائم قبلوه وفتروا بسببه عن القيام بأمر الجهاد كما ينبغى.

ووجه العتاب على الإذن فى قعودهم مع ما قص الله تعالى من المفاسد التي تترتب على خروجهم- أنهم لو قعدوا بغير إذن منه لظهر نفاقهم بين المسلمين بادىء ذى بدء، فلم يستطيعوا مخالطتهم ولا السعى فيما بينهم بالأراجيف وقالة السوء التي يقبح أثرها، وتسوء عاقبتها.

(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) علما يحيط بظواهرهم وبواطنهم وأعمالهم ما تقدم منها وما تأخر، وبما هم مستعدون له فى كل حال مما وقع ومما لم يقع، فأحكامه فيهم على علم تامّ لاظن فيه ولا اجتهاد كالجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم فى الإذن لهم، والذي تثبت هذه الآية أنه شر لا خير فيه وهو ضعف لا قوة، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أنهم لا يخرجون إذا لم يأذن لهم، فهذا من أخبار الغيب التي لا يعلمها إلا الله، وهو لم يعلمه قبل نزول هذه الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>