للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد امتنّ الله عليه وعلى قومه بالقرآن المجيد فقال «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ» أي وإنه لشرف لك ولهم تذكرون به فى العالم ويدوّن لكم فى بطون الكتب والدفاتر:

وإنما قاومه أكابر قومه أنفه واستكبارا عن اتباعه، إذ هم يرونه دونهم- إلى أن فى اتباعه إقرارا بكفرهم وكفر آبائهم الذين يفاخرون بهم، إلى أنهم لم يكونوا على ثقة من فوزه ونيلهم باتباعه مجد الدنيا وسعادة الآخرة.

(عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) أي شديد عليه عنتكم ولقاؤكم المكروه لأنه منكم، فليس من الهين عليه أن تكونوا فى الدنيا أمة ذليلة يعنتها أعداؤها بالسيطرة عليها والتحكم فيها، ولا أن تكونوا فى الآخرة من أصحاب النار التي وقودها الناس والحجارة (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي حريص على اهتدائكم وصلاح شأنكم كما قال الله تعالى «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» .

(بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي هو شديد الرأفة والرحمة بالمؤمنين، فكل ما يدعو إليه من العمل بشرائع الله فهو دليل على ثبوت هذه الصفات له، وكل شاق منها كالجهاد فهو منجاة مما هو أشق منه.

وعن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال فى قوله (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إنه ليس من العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي صلى الله عليه وسلم مضريّها وربيعيها ويمانيها- يريد أن نسبه تشعب فى جميع قبائل العرب وبطونها.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ) أي فإن تولوا وأعرضوا عن الإيمان بك والاهتداء بما جئتهم به، فقل حسبى الله فإنه يعينك عليهم ويكفيك أمر توليهم وما يتبعه من عداوتهم وصدهم عن سبيله، وقد بلّغت وما قصرت.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي لا معبود سواه ألجأ إليه بالدعاء والإعانة، وهو الكافي والمعين.

(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي عليه وحده توكلت فلا أكل أمرى فيما أعجز عنه إلى غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>