للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

هذا بيان جىء به لبيان ما كادوا به أباهم بعد أن ائتمروا بيوسف ليرسله معهم، وفيه إيماء إلى أنه كان يخافهم عليه، ولولا ذلك ما قال لهم تلك المقالة التي أظهروا فيها أنهم فى غاية المحبة والشفقة له.

[الإيضاح]

(قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) أي قالوا له: لم تخافنا عليه ونحن نحبه ونريد الخير به ونخلص النصح له؟ وكانوا قد شعروا منه بهذا بعد ما كان من رؤيا يوسف، وربما علموا بهذا منه.

(أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) أي أرسله معنا غداة غد حين نخرج كعادتنا إلى المرعى فى الصحراء يشاركنا فى الرياضة والأنس والسرور وأكل الفواكه والبقول وغيرهما مما يطيب، وقد كان أكثر لعب أهل البادية السباق والصراع والرمي بالعصى والسهام إن وجدت، وإنا لحافظوه من كل أذى يصيبه.

(قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) أي قال مجيبا لهم: إنى ليحزننى ويقض على مضجعى أن تذهبوا به معكم إلى الصحراء خيفة أن يأكله الذئب وأنتم لا تشعرون به، لاشتغالكم عن مراقبته وحفظه بلعبكم، ولعله لو لم يذكر هذا لهم لما خطر ببالهم أن يقع، ولكن شدة الحذر والاحتياط هو الذي جعله يقول ذلك.

(قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) أي قالوا له والله لئن اختطفه منا الذئب فى الصحراء ونحن جماعة شديدة البأس تكفى بنا الخطوب وتدفع مهمات الأمور- إنا إذا لهالكون ولا غناء عندنا ولا نفع ولا ينبغى أن يعتدّ بنا ويركن إلينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>