للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن رق قلبه لهم ذكروا ما يريدون وإلا سكتوا، وقد كان أبوهم يرجّح أنه هو يوسف فأرادوا أن يروا تأثير هذا الاستعطاف فيه.

(وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) أي ببضاعة رديئة يحتقرها التجار ويدفعونها احتقارا لها.

(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) أي فأتمه كما تعودنا من جميل رعايتك وإحسانك.

(وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بما تزيده على حقنا ببضاعتنا بعد أن تغمض عن رداءتها.

(إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) فيخلف ما ينفقون ويضاعف الأجر لهم.

وقد بالغوا فى الضراعة والتذلل، لما كانوا يرون من تأثير ذلك فى ملامح وجهه، وجرس صوته، ومعالبة دمعه.

ثم بعد أن ذكر طريق تحسسهم ذكر ردّ يوسف عليهم.

(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) أي قال ما أعظم ما فعلتم بيوسف من قبل وبأخيه بنيامين من بعد على قرب العهد، وما أقبح ما أقدمتم عليه، كما يقال للمذنب هل تدرى من عصيت، وهل تعرف من خالفت.

(إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) قبح ما فعلتموه فى حكم شرعكم، وحقوق بر الوالدين وما يجب من رحمة القرابة والرحم.

وخلاصة ذلك- إنكم كنتم فى حال يغلب عليكم فيها الجهل بهذه الحقوق، وبعاقبة البغي والعقوق.

وقد يكون المراد من الجهل الطيش والنّزق واتباع الهوى وطاعة الحسد والأثرة.

وقد قال لهم هذه المقالة تمهيدا لتعريفهم بنفسه، إذ آن أن يصارحهم به بعد أن بلغ الكتاب أجله، وبلغت به وبهم الأقدار غايتها، ولم يبق بعد هذا إلا التصريح، وتأويل رؤياه التي كانت السبب فى كل ما حدث من تلك الأفاعيل.

وقد ذكّر يوسف إخوته بذنوبهم تذكيرا مجملا قبل أن يتعرف إليهم بذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>