للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنا مجبورون على أعمالنا، فلا فائدة من إرسالهم، فلو شاء الله أن نؤمن به ولا نشرك به شيئا ونحل ما أحله ولا نحرم شيئا مما حرمنا لكان الأمر كما أراد، لكنه لم يشأ إلا ما نحن عليه، فما يقوله الرسل إنما هو من تلقاء أنفسهم لا من عند الله.

وقد رد الله عليهم مقالهم بأنه كلام قد سبق بمثله المكذبون من الأمم السالفة، وما على الرسل إلا التبليغ وليس عليهم الهداية، ولم يترك الله أمة دون أن يرسل إليها هاديا يأمر بعبادته، وينهاهم عن الضلال والشرك، فمنهم من استجاب دعوته، ومنهم من أضله الله على علم، فحقت عليهم كلمة ربك، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم أمرهم بالضرب فى الأرض ليروا آثار أولئك المكذبين الذين أخذوا بذنوبهم، ثم ذكّر رسوله بأن الحرص على إيمانهم لا ينفعك شيئا، فإن الله لا يخلق الهداية جبرا وقسرا فيمن يختار الضلالة لنفسه، كما لا يجد أحدا يدفع عنه بأس الله ونقمته.

[الإيضاح]

(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) أي وقال الذين أشركوا بالله فعبدوا الأصنام والأوثان من دونه تعالى معتذرين عما هم عليه من الشرك محتجين بالقدر: ما نعبد هذه الأصنام إلا لأنه قد رضى عبادتنا لها، ولا حرّمنا ما حرمنا من البحائر والسوائب والوصائل ونحو ذلك إلا لأنه قد رضى ذلك منا، ولو كان كارها لما فعلنا لهدانا إلى سواء السبيل، أو لعجّل لنا العقوبة وما مكننا من عبادتها.

وقد رد الله عليهم شبهتهم بقوله:

َذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)

أي ومثل ذلك الفعل الشنيع فعل الذين من قبلهم من الأمم، واستن هؤلاء سنتهم وسلكوا سبيلهم فى تكذيب الرسول واتباع أفعال آبائهم الضلّال.

ثم بين خطأهم فيما يقولون ويفعلون فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>