للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما سواه فهو فى حاجة إليه فى وجوده وبقائه، كيف يعقل أن يكون لامرئ رغبة أو رهبة من غيره؟

ولما بين أن الواجب ألا يتقى غير الله- ذكر أنه يجب ألا يشكر إلا هو فقال:

(وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) أي وما بكم من نعمة فى أبدانكم من عافية وصحة وسلامة، وفى أموالكم من نماء وزيادة، فالله هو المنعم بها عليكم، والمتفضّل بها لا سواه، فبيده الخير وهو على كل شىء قدير، فيجب عليكم أن تشكروه على هذه النعم المتواصلة، وإحسانه الدائم الذي لا ينقطع.

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان

(ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) أي ثم إذا أصابكم فى أبدانكم سقم ومرض أو حاجة عارضة، أو شدة وجهد فى العيش ووسائل الحياة، فإليه تصرخون بالدعاء وتستغيثون به ليكشف ذلك عنكم، علما منكم أنه لا يقدر على إزالة ذلك إلا هو.

(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) أي ثم إذا وهب لكم ربكم العافية، ورفع عنكم ما أصابكم من مرض فى أبدانكم، أو شدة فى معاشكم، بتفريج البلاء عنكم، إذا جماعة منكم يجعلون لله شريكا فى العبادة، فيعبدون الأوثان، ويذبحون لها الذبائح، شكرا لغير من أنعم بالفرج، وأزال من الضر.

ونحو الآية قوله: (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) .

قال السيد الآلوسى فى تفسيره: وفى الآية ما يدل على أن صنيع العوام اليوم من الجؤار إلى غير الله تعالى ممن لا يملك لهم بل ولا لنفسه نفعا ولا ضرا- عند إصابة الضر بهم وإعراضهم عن دعائه تعالى بالكلية- سفه عظيم وضلال جديد

<<  <  ج: ص:  >  >>