للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الوعيد ونسى العهد، فمخالفتهم قديمة، وعرقهم فيها راسخ ثم فصل عهده لآدم وبين كيف نسيه وفقد العزم، ثم ذكر عصيان إبليس للسجود لآدم وتحذيره من الخروج من الجنة إذا هو اتبع نصائحه، وهو بعد كل هذا قد أطاع وساوسه وقبل إرشاده، فأكل من الشجرة التي نهى عن الأكل منها، فأخرج من الجنة مع إعلامه بأن الشيطان عدو له ولذريته، ثم بين أن من جاءه الهدى من ربه واتبعه عاش فى الدنيا قرير العين هادىء البال، ويؤتى فى الآخرة ما شاء الله أن يؤتى من ألوان النعيم والسعادة، ومن أعرض عن ذلك عاش فى الدنيا عيشة ضنكا، إذ هو لشدة حرصه عليها يخاف انتقاصها، ومن ثمّ يغلب عليه الشح والبخل، ويفعل كل منكر فى سبيل جمع المال من أي وجه كان، ولا يبالى أمن حلال كان أم من حرام؟ ولذلك تراهم يقولون (الغاية تبرر الواسطة) . أما المؤمن الذي لا يعنيه جمع حطام الدنيا فإنه فى سرور وراحة قلّ ماله أو كثر.

وهو فى الآخرة يكون أعمى عن الحجة التي تنقذه من ذلك الخزي الدائم، والعذاب المقيم.

ثم أردف هذا ببيان سبب ذلك وهو إعراضه فى الدنيا عن الآيات البينات التي تهديه إلى سبيل الرشاد، ومن ثم يسير فى جهالته إلى يوم القيامة، وهذا مما يوجب له أشد الآلام الروحية من حين مماته إلى حين الحشر، وهكذا يجازى الله المسرفين المكذبين بآياته فى الدنيا والآخرة جزاء وفاقا لما اجترحوا من السيئات، وارتكبوا من الذنوب والآثام كما قال سبحانه: «لهم عذاب فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق» .

[الإيضاح]

(ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما) أي ولقد وصينا آدم وقلنا له:

إن إبليس عدوّ لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنة، فوسوس إليه الشيطان فأطاعه،

<<  <  ج: ص:  >  >>