للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتلبية، وإنما طلب منه ذلك خشية أن يتركه بعد المبيت، فطلب منه المضىّ في الذكر مادام في هذا الموضع.

(وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أي واذكروه كما علمكم كيف تذكرونه، بأن يكون بتضرع وخيفة وطمع في ثوابه، صادر عن رغبة ورهبة كما

قال صلى الله عليه وسلم «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»

ولا تعدلوا عنه إلى ما كنتم تفعلونه في الجاهلية من الشرك واتخاذ الوسطاء بينكم وبينه، فلا تفرغ قلوبكم له، فقد كانوا يقولون في التلبية: لبّيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.

(وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) أي وإنكم كنتم من قبل هذا الهدى من الضالين عن الحق في العقائد والأعمال بعباد الأوثان والأصنام، وباتخاذ الوسطاء الذين يشفعون عنده ويقربون إليه زلفى.

(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) روى البخاري ومسلم: أن قريشا ومن دان دينهم من كنانة وجديلة وقيس وهم الحمس (واحدهم أحمس وهو الشديد الصّلب في الدين والقتال) كانوا يقفون في الجاهلية بمزدلفة ترفعا عن الوقوف مع العرب في عرفات.

فأمر الله نبيه أن يأتى عرفات، ثم يقف بها، ثم يفيض منها، ليبطل ما كانت عليه قريش.

فالمعنى- عليكم أن تفيضوا مع الناس من مكان واحد تحقيقا للمساواة وتركا للتفاخر وعدم الامتياز لأحد عن أحد، وذلك من أهمّ مقاصد الدين.

(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ) مما أحدثتم من تغيير المناسك بعد إبراهيم، وإدخال الشرك فى أعمال الحج.

(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي إنه تعالى واسع المغفرة والرحمة لمن يستغفره مع الإنابة والتوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>