للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمم قد فعلوا مع رسلهم مثل هذا، فاقتد بأولئك الأنبياء ولا تجزع، ثم وعده وعدا كريما بأن يهديه إلى مطلبه، وينصره على عدوه، وكفى به هاديا ونصيرا.

[الإيضاح]

(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) أي وقال الرسول مشتكيا إلى ربه: رب إن قومى الذين بعثتني إليهم لأدعوهم إلى توحيدك، وأمرتنى بإبلاغه إليهم، قد هجروا كتابك، وتركوا الإيمان بك، ولم يأبهوا بوعدك ووعيدك، بل أعرضوا عن استماعه واتباعه.

وفى ذكره صلى الله عليه وسلم بلفظ (الرَّسُولُ) تحقيق للحق، ورد عليهم، إذ كان ما أورده قدحا فى رسالته صلى الله عليه وسلم.

ثم سلى رسوله على ما يلاقيه من الشدائد والأهوال، بأن له فى سلفه من الأنبياء قبله أسوة بقوله:

(وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) أي كما جعلنا لك أعداء من المشركين يتقولون عليك ما يتقولون من التّرهات والأباطيل ويفعلون من السخف ما يفعلون- جعلنا لكل نبى من الأنبياء الذين سلفوا وأوتوا من الشرائع ما فيه هدى للبشر- أعداء لهم من شياطين الإنس والجن، وكانوا لهم بالمرصاد، وقاوموا دعوتهم، َ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ» .

فلا تجزع أيها الرسول فإن هذا دأب الأنبياء قبلك، واصبر كما صبروا قال ابن عباس: كان عدو النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل، وعدو موسى قارون، وكان قارون ابن عم موسى.

ونحو الآية قوله: «وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً» .

ثم وعده بالهداية والنصر والتأييد وغلبته لأعدائه فقال:

(وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً) أي وكفاك ربك هاديا لك إلى مصالح الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>