للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعراف «وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً» . يسكنون الأحقاف، وهى جبال الرمل القريبة من حضرموت ببلاد اليمن وكانت لهم أرزاق دارّة وأموال، وجنات وأنهار وزروع وثمار، وكانوا يعبدون الأصنام والأوثان، فبعث الله فيهم نبيّا منهم يبشرهم وينذرهم ويدعوهم إلى عبادة الله وحده ويحذّرهم نقمته وعذابه، فكذبوه فأهلكهم كما أهلك المكذبين لرسله.

[الإيضاح]

(كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) جاءت هذه المقالة على لسان نوح وهود وصالح ولوط وشعيب للتنبيه إلى أن بعثة الأنبياء أسّها الدعاء إلى معرفة الله وطاعته فيما يقرب المدعو إلى الثواب ويبعده من العقاب، وأن الأنبياء مجمعون على ذلك وإن اختلفوا فى تفصيل الأحكام تبعا لاختلاف الأزمنة والعصور، وأن الأنبياء منزّهون عن المطامع الدنيوية لا يأبهون بها، ولا يجعلونها قبلة أنظارهم، ومحط رحالهم.

ولما فرغ من دعائهم إلى الإيمان أتبعه إنكار بعض ما هم عليه فقال:

(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ؟) أي أتبنون فى كل مرتفع عال قصرا مشيدا للتفاخر والدلالة على الغنى.

(وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) أي وتتخذون الحصون والقلاع كأنكم مخلّدون فى الدنيا.

روى ابن أبى حاتم أن أبا الدرداء رضى الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون فى غوطة دمشق من البنيان ونصب الشجر، قام فى مسجدهم فنادى: يا أهل دمشق، فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا تستجيبون، ألا تستجيبون، تجمعون

<<  <  ج: ص:  >  >>