للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه هو: وقال مقاتل: عرفته ولكنها شبّهت عليهم كما شبهوا عليها، ولو قيل لها أهذا عرشك لقالت نعم.

ولما ظنت أن سليمان أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار المعجزة لها قالت:

(وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) أي وأوتينا العلم بكمال قدرة الله وصدق نبوتك من قبل هذه المعجزة بما شاهدناه من أمر الهدهد، وبما سمعناه من رسلنا إليك من الآيات الدالة على ذلك، وكنا منقادين لك من ذلك الحين، فلا حاجة بي إلى إظهار معجزات أخرى.

ثم ذكر سبحانه ما منعها عن إظهار ما ادعت من الإسلام إلى ذلك الحين فقال:

(وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) أي ومنعها ما كانت تعبده من دون الله وهو الشمس عن إظهار الإسلام والاعتراف بوحدانيته تعالى، من قبل أنها من قوم كانوا يعبدونها ونشأت بين أظهرهم ولم تكن قادرة على إظهار إسلامها إلى أن مثلت بين يدى سليمان فاستطاعت أن تنطق بما كانت تعتقده فى قرارة نفسها ويجول فى خاطرها.

روى أن سليمان أمر قبل مقدمها ببناء قصر عظيم جعل صحنه من زجاج أبيض شفاف يجرى من تحته الماء وألقى فيه دواب البحر من سمك وغيره، فلما قدمت إليه استقبلها فيه وجلس فى صدره، فحين أرادت الوصول إليه حسبته ماء فكشفت عن ساقيها، لئلا تبتل أذيالها كما هى عادة من يخوض الماء، فقال لها سليمان: إن ما تظنينه ماء ليس بالماء، بل هو صرح قد صنع من الزجاج فسترت ساقيها وعجبت من ذلك، وعلمت أن هذا ملك أعزّ من ملكها، وسلطان أعز من سلطانها، ودعاها سليمان إلى عبادة الله وعليها على عبادة الشمس دون الله، فأجابته إلى ما طلب وقالت: رب إنى ظلمت نفسى بالثبات على ما كنت عليه من الكفر، وأسلمت مع سليمان لله رب كل شىء وأخلصت له العبادة

وإلى ما تقدم أشار سبحانه بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>