للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن رغّب موسى فرعون وقومه فى التوحيد والنظر فى الكون تارة، ورهّبهم من عذاب الله وشديد نكاله تارة أخرى- أجابه فرعون بتلك المقالة التي تدل على الجهل المطبق، ونقصان العقل، وأنه بلغ غاية لا حدّ لها فى الإنكار وأنه لا مطمع فى إيمانه، لعتوّه وطغيانه واستكباره فى الأرض حتى قال ما قال، ومن ثم كانت عاقبته فى الدنيا الهلاك بالغرق هو وجنوده واللعن من الله والناس، وفى الآخرة الطرد من رحمة الله.

ثم أخبر سبحانه أنه آتى موسى التوراة، وجعلها نورا للناس يهتدون بها، وتكون لهم تذكرة من عقاب الله، وشديد عذابه.

[الإيضاح]

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) أي وقال فرعون يا أيها القوم ما علمت لكم فى أي زمن إلها غيرى كما يدّعى موسى، والأمر محتمل أن يكون، وسأحقق ذلك لكم، وهذا كلام ظاهره الإنصاف، ليتوصل بذلك إلى قبولهم ما يقول لهم بعد ذلك فى شأن الإله وتسليمهم إياه، اعتمادا على ما رأوا من عظيم نصفته فى القول.

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان قالهما فرعون (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) وقوله: «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى» كان بينهما أربعون عاما، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى» .

وخلاصة مقاله- لا علم لى برب غيرى فتعبدوه، وتصدقوا قول موسى فيما جاءكم به، من أن لكم وله ربا غيرى، ومعبودا سواى.

ونحو الآية قوله: «فَحَشَرَ فَنادى. فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى. فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى» وقوله «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>