للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن القوم كانوا قد ألفوا شرب الخمر، وكان انتفاعهم بها كثيرا، فعلم الله أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق.

[الإيضاح]

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) أي يسألونك عن حكم تناول الخمر، إحلال هو أم حرام؟ ومثل هذا بيعها وشراؤها ونحو ذلك مما يدخل في التصرفات التي تخالف الشرع- وعن حكم استعمال الميسر وفعله.

وكلمة (الخمر) يراد بها عند الشافعي كل شراب مسكر، ويراد بها عند أبي حنيفة ما اعتصر من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد.

حجة الأول (١) أن الصحابة وهم صميمو العرب فهموا من تحريم الخمر تحريم كل مسكر، ولم يفرقوا بين ما كان من العنب وما كان من غيره.

(٢) وما

رواه أبو داود والترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر خمر.

(٣) وما

رواه النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العنب خمرا، وإن من التمر خمرا، وإن من العسل خمرا، وإن من البرّ خمرا، وإن من الشعير خمرا.

(٤) وما أخرجه البخاري عن أنس قال: حرّمت الخمر حين حرمت، وما يتخذ من خمر الأعناب إلا القليل، وعامة خمرنا من البسر والتمر.

قال بعض العلماء: جرى ذكر هذه الأشياء لكونها معهودة في ذلك العصر، فكل ما في معناها من ذرة أو عصارة شجر أو تفاح أو بصل أو نحو ذلك مما يستخرج منه الخمر الآن فحكمه حكم هذه الأصناف.

وكيفية الميسر عند العرب أنه كانت لهم عشرة قداح وتسمى الأزلام والأقلام أيضا (واحدها قدح وزلم وقلم، وهى قطع من الخشب) وأسماؤها الفذّ والتّوأم والرقيب والحلس والمسبل والمعلّى والنّافس والمنيح والسّفيح والوغد، لكل واحد من السبعة الأولى نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزئونها إما عشرة أجزاء أو ثمانية وعشرين

<<  <  ج: ص:  >  >>