للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المفردات]

من المحضرين: أي الذين يحضرون للعذاب، وقد اشتهر ذلك فى عرف القرآن كما قال: «لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ» وقال: «إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ» لأن فى ذلك إشعارا بالتكليف والإلزام، ولا يليق ذلك بمجالس اللذات بل هو أشبه بمجالس المكاره والمضار.

[المعنى الجملي]

هذا هو الرد الثالث على تلك الشبهة، فإن خلاصة شبهتهم أنهم تركوا الدين لئلا تفوتهم منافع الدنيا، فرد الله عليهم بأن ذلك خرق رأى وخطل عظيم، فإن ما عند الله خير مما فيها، لكثرة منافعه وخلوصه من شوائب المضار، ومنافعها مشوبة، وهو أبقى مما فيها، لأنه دائم لا ينقطع، ومنافعها لا بقاء لها، فمن الجهل الفاضح إذا ترك منافع الآخرة لاستيفاء منافعها، ولا سيما إذا قرنت تلك المنافع بعقاب الآخرة.

[الإيضاح]

(وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها، وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي وما أعطيتم أيها الناس من شىء من الأموال والأولاد، فإنما هو متاع تتمتعون به فى الحياة الدنيا، وتتزينون به فيها، وهو لا يغنى عنكم شيئا عند ربكم، ولا يجديكم شروى نقير لديه، وما عنده خير لأهل طاعته وولايته لدوامه وبقائه، بخلاف ما عندكم فإنه ينفد وينقطع بعد أمد قصير.

ونحو الآية قوله «ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ» وقوله: «وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ» وقوله: «بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى» ،

وفى الحديث: «والله ما الحياة الدنيا فى الآخرة إلا كما يغمس أحدكم إصبعه فى اليمّ، فلينظر ماذا يرجع إليه؟»

.

<<  <  ج: ص:  >  >>