للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محو ذلك بالإسلام حتى لا يعرف إلا النسب الصريح ومن ثم قال فى أول السورة «وما جعل أدعياء كم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحقّ وهو يهدى السّبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله» وبهذا حرم على المسلمين أن ينسبوا الدعىّ إلى من تبناه، وأن يكون للمتبنّى إلا حق المولى والأخ فى الدين وحظر عليهم أن يقتطعوا له من حقوق الابن لا قليلا ولا كثيرا.

وما رسخ فى النفوس بحكم العادة لا يمكن التخلص منه إلا بإرادة قوية تسخر بسلطانها، ولا تجعل لها حكما فى الأعمال إذا كانت المصلحة فى خلاف ذلك، ومن ثم ألهم الله رسوله أن يلغى هذا الحكم بالعمل كما ألغى بالقول فى أحد عتقاه. ومن ثمّ أرغم بنت عمته لتتزوج بزيد وهو متبناه ليكون هذا الزواج مقدمة لتشريع إلهى جديد.

ذلك أنه بعد أن تزوجها زيد شمخت بأنفها عليه وجعلت تفخر عليه بنسبها، فاشتكى منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرة بعد المرة وهو عليه السلام يغلبه الحياء فى تنفيذ حكم الله ويقول لزيد: أمسك عليك زوجك واتق الله، إلى أن غلب حكم الله وسمح لزيد بطلاقها، ثم تزوجها بعد ذلك ليمزّق حجاب تلك العادة كما قال: «لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» ثم أكد هذا بقوله: «ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً»

[الإيضاح]

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) أي ليس لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله قضاء أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم ويخالفوا أمر الله ورسوله وقضاءهما ويعصياهما

<<  <  ج: ص:  >  >>