للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر فيما سلف إنكارهم للبعث في الدنيا وشديد إصرارهم على عدم حدوثه أردف هذا بيان أنهم يوم القيامة يرجعون على أنفسهم بالملامة إذا عاينوا أهوال هذا اليوم، ويعترفون بأنهم كانوا في ضلال مبين، ويندمون على ما فرّطوا في جنب الله، ولات ساعة مندم.

[الإيضاح]

(وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) أي وقال المنكرون للبعث في الدنيا حين رأوا العذاب: لنا الويل والهلاك فقد حلّ ميعاد الجزاء، وسنجازى بما قدمنا من عمل كما وعدنا بذلك على ألسنة الرسل، فكذبناهم وسخرنا منهم، وأنكرنا صدق ما قالوا.

ثم أقبل بعضهم على بعض يتناجون ويقولون:

(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي هذا هو اليوم الذي يمتاز فيه المحسن بما قدم من عمل عن المسيء الذي دسّى نفسه بما ران على قلبه من الفسوق والعصيان، ومحالفة أوامر الملك الديان، وينال كل منهما جزاء ما عمل، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فيدخل الأول جنات النعيم على فرش بطائنها من إستبرق، ويدخل الثاني في سقر «وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ. لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ» .

ثم ذكر خطاب الملائكة بعضهم لبعض فقال:

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي تقول الملائكة للزبانية: احشروا الظالمين من كل مكان إلى موقف الحساب مع أشباههم وأمثالهم، فاجعلوا ذوى المعاصي المتشابهة، بعضهم مع بعض، فاجعلوا الزناة معا، والآكلين لحوم الناس والناهشين لأعراضهم كذلك، واجعلوا عابدى الأصنام

<<  <  ج: ص:  >  >>