للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر الحكمة في ضرب الأمثال للناس، وهى أن تكون عظة وذكرى لهم ليتقوا ربهم، ويرعووا عن غيهم وضلالهم- أردفه ذكر مثل يرشد إلى فساد مذهب المشركين وقبح طريقتهم ووضوح بطلانها، ثم أعقبه ببيان أن الناس جميعا سيموتون ثم يعرضون على ربهم، وهناك يستبين المحق والمبطل، والضال والمهتدى.

فلا داعى إلى الجدل والخلاف بينك وبينهم.

[الإيضاح]

(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا؟) أي ضرب الله مثلا لقومك وقال لهم: ماذا تقولون في عبد مملوك قد امتلكه شركاء، بينهم اختلاف وتنازع فهم يتجاذبونه في حاجهم وهو خائر في أمره إذا هو أرضى أحدهم أغضب الباقين، وإذا احتاج إليهم في مهمّ رده كل منهم إلى الآخرين، فهو في عذاب دائم وتعب مقيم، ومملوك آخر له مخدوم واحد يخدمه مخلصا وهو يعينه على مهماته، ويقضى له سائر حاجاته، فأىّ العبدين أحسن حالا وأحمد شأنا؟

- الجواب لا يحتاج إلى بيان- هكذا حال المشرك الذي يعبد آلهة شتى يبقى ضالّا حائرا لا يدرى أىّ تلك الآلهة يعبد؟ ولا على أيهم يعتمد؟ وممن يطلب رزقه؟ وممن يلتمس رفده؟ أما من لم يثبت إلا إلها واحدا فهو قائم بما كلّفه، عارف ما يرضيه وما يسخطه- لا شك أن البون بين حاليهما شاسع.

وقوله (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا) أي هل تستوى صفتاهما وحالاهما؟

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي بعد أن بطل القول بإثبات الشركاء والأنداد، وثبت أن لا إله إلا هو- ثبت أن الحمد لله لا لغيره.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي بل أكثر الناس لا يعلمون أن الحمد له لا لغيره فيشركوا به سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>