للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرء لأنه أدرى بثروته، إلا أن الشارع حبب في بسط الكف والسخاء للمطلقة تطييبا لنفسها وعوضا عما لحقها من الضرر.

(مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) أي وجعل هذه المتعة حقا واجبا على من يريد الإحسان في معاملة المرأة بما يتعارفه الناس بينهم.

وهذه المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول ولم يسمّ لها مهر وهى المذكورة في الآية، ومستحبة لسائر المطلقات.

والحكمة في شرعها أن في الطلاق قبل الدخول امتهانا وسوء سمعة لها، لأن فيه إيهاما للناس بأن الزوج ما طلقها إلا وقد رابه شىء من أخلاقها، فإذا هو متعها متاعا حسنا تزول هذه الغضاضة، ويكون ذلك شهادة لها بأن سبب الطلاق كان من قبله لا من قبلها ولا علة فيها، فتحتفظ بما كان لها من صيت وشهرة طيبة، ويتسامع الناس ويقولون إن فلانا أعطى فلانة كذا وكذا فهو لم يطلقها إلا لعذر وهو معترف بفضلها، لا أنه رأى فيها عيبا، أو رابه من أمرها شىء، فيكون ذلك كالمرهم لجرح القلب، وجبر وحشة الطلاق.

وقد أثر عن الحسن السبط أنه متّع إحدى زوجاته بعشرة آلاف درهم فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق.

(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) أي وإن حصل الطلاق قبل المسيس وقد سمى لهن مهر فلهن نصف المسمى المفروض، ويرجع إلى الزوج النصف الثاني.

وهذا جار على ما كان يعمله الناس من سوق المهر كله للمرأة حين العقد، لا على ما استحدثوه من تأخير ثلث المهر أو أكثر منه أو أقلّ لرغبتهم في حبّ الظهور والتفاخر بكثرة المهر مع اجتناب إرهاق الزوج بدفعه كله.

وإن مات أحد الزوجين قبل الدخول وجب المهر كله للزوجة إذا مات الزوج،

<<  <  ج: ص:  >  >>