للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وصف سبحانه شمول علمه بكل شىء وإن كان في غاية الخفاء فقال:

(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) أي يعلم ربكم ما خانت أعين عباده وما نظرت به إلى ما لا يحل كما يفعل أهل الرّيب، قال ابن عباس في الآية: هى الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغضّ بصره عنها، وإذا غضوا نظر إليها، وإذا نظروا غض بصره عنها.

وقد اطّلع الله من قلبه أنه ودّ أن ينظر إلى عورتها، أخرجه ابن أبى شيبة وابن المنذر.

(وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) أي لا يخفى عليه شىء من أمورهم حتى ما يحدّثون به أنفسهم وتضمره قلوبهم.

(وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) أي والله يحكم بالعدل في الذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصدور من النوايا، فيجزى الذين أغمضوا أبصارهم وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه بالحسنى، ويجزى الذين رددوا النظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش جزاءهم الذي أوعدهم به في دار الدنيا.

(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) أي والأوثان والآلهة التي يعبدها هؤلاء المشركون من قومك- لا يقضون بشىء لأنهم لا يعلمون شيئا ولا يقدرون على شىء، فاعبدوا الذي يقدر على كل شىء، ولا يخفى عليه شىء.

وغير خاف ما في هذا من التهكم بآلهتهم.

(إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أي إنه تعالى هو السميع لما تنطق به الألسنة، البصير بما تفعلون من الأفعال، وهو محيط بكل ذلك ومحصيه عليكم، فيجازيكم عليه جميعا يوم الجزاء.

ولا يخفى ما في هذا من الوعيد لهم على ما يقولون ويفعلون، والتعريض بحال ما يدعون من دون الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>