للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما ما يعمهما وغيرهما مما وقع فى سائر المواضع التي من جملتها قوله تعالى:

«ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً» وقوله: «إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» .

ثم فصل ما شرعه بقوله:

(أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) أي اجعلوا هذا الدين وهو دين التوحيد والإخلاص لله قائما دائما مستمرا، واحفظوه من أن يقع فيه زيغ أو اضطراب، ولا تتفرقوا فيه، بأن تأتوا ببعض وتتركوا بعضا، أو بأن يأتى بعض منكم بهذه الأصول التي شرعت لكم ويتركها بعض آخر.

والنهى إنما هو عن التفرق فى أصول الشرائع، أما التفاصيل فلم يتحد فيها الأنبياء كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» .

والخلاصة- إننا شرعنا لكم ما شرعنا للأنبياء قبلكم، دينا واحدا فى الأصول وهى التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج، والتقرب بصالح الأعمال، كالصدق والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحرّمنا عليكم الزنا، وإيذاء الخلق، والاعتداء على الحيوان- فكل هذا قد اتحد فيه الرسل وإن اختلفوا فى تفاصيله.

(كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) أي شق على المشركين دعوتهم إلى التوحيد، وترك عبادة الأصنام والأوثان، وتقريعهم على ذلك، لأنّهم توارثوا ذلك كابرا عن كابر ونقلوه عن الآباء والأجداد كما حكى سبحانه عنهم بقوله: «إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ» وبعد أن أرشد المؤمنين إلى التمسك بالدين- ذكر أنه إنما هداهم إلى ذلك، لأنه اصطفاهم من بين خلقه فقال:

(اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) أي الله يصطفى من يشاء من عباده ويقربهم إليه تقريب الكرامة، ويوفّق للعمل بطاعته واتباع ما بعث به

<<  <  ج: ص:  >  >>