للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم علل ما أفاده الكلام من وجوب الانتقام منهم بقوله:

(هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) أي هو أعلم من كل أحد بما تخوضون فيه، من التكذيب بالقرآن، والطعن فى آياته، وتسميته سحرا تارة وفرية أخرى.

ثم أكد صدق ما يقول بنسبة علم ذلك إلى الله فقال:

(كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فهو يشهد لى بالصدق فى البلاغ، ويشهد عليكم بالكذب والجحود.

ولا يخفى ما فى هذا من الوعيد الشديد على إفاضتهم فى الطعن فى الآيات.

ثم فتح لهم باب الرحمة بعد الإنذار السابق لعلهم يتوبون ويثوبون إلى الحق فقال:

(وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي ومع كل ما صدر منكم من تلك المطاعن الشنعاء، إن أنتم تبتم وأنبتم إلى ربكم وصح عزمكم على الرجوع عما أنتم عليه، تاب عليكم، وعفا عنكم، وغفر لكم ورحمكم.

وبعد أن حكى عنهم طعنهم فى القرآن- أمر رسوله أن يرد عليهم مقترحاتهم العجيبة، وهى طلبهم من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يأتيهم بمعجزات بحسب ما يريدون ويشتهون، وكلها تدور حول الإخبار بشئون الغيب فقال:

(قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) أي قل لهم: لست بأول رسول بلّغ عن ربه، بل قد جاءت رسل من قبلى، فما أنا بالفذّ الذي لم يعهد له نظير حتى تستنكرونى وتستبعدون رسالتى إليكم، وما أنا بالذي يستطيع أن يأتى بالمعجزات متى شاء، بل ذلك باذنه تعالى وتحت قبضته وسلطانه، وليس لى من الأمر شىء، وإلى ذلك أشار بقوله:

(وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) أي ولا أعلم ما يفعل بي فى الدنيا، أأخرج من بلدي كما أخرجت أنبياء من قبلى، أم أقتل كما قتل منهم من قتل؟ ولا ما يفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>