للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي أفلم يسر هؤلاء المكذّبون بمحمد صلّى الله عليه وسلم، المنكرون ما أنزلنا عليه من الكتاب- فى الأرض فيروا نقمة الله التي أحلها بالأمم الغابرة، والقرون الخالية، حين كذبوا رسلهم كعاد وثمود، ويتعظوا بذلك، ويحذروا أن نفعل بهم كما فعلنا بمن قبلهم.

ثم ذكر ما فعله بهم فقال:

(دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) يقال دمّره: أهلكه، ودمّر عليه: أهلك ما يختص به، أي أهلك ما يختص بهم من الأهل والولد والمال، أفلا يعتبر هؤلاء بما حل بمن قبلهم فيعلموا أن ما حاق بهم من سوء المنقلب- لا بد أن يحل بهم مثله بحسب ما وضعه سبحانه من السنن فى الأمم المكذبة لرسلها، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وهذا ما عناه سبحانه بقوله:

(وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) أي ولهؤلاء الكافرين السائرين سيرتهم أمثال هذه العاقبة التي ترون آثارها.

ثم بيّن السبب فى حلول أمثال هذه العاقبة بهم فقال:

(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا، وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) أي هذا الذي فعله بهم من التدمير والهلاك، ونصر المؤمنين وإظهارهم عليهم بسبب أن الله ولىّ من آمن به وأطاع رسوله، وأن الكافرين لا ناضر لهم، فيدفع ما حل بهم من العقوبة والعذاب.

ونفى المولى عنهم هنا لا يخالف إثباته فى قوله: «ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» لأن المراد به هناك المالك لأمورهم، المتصرف فى شئونهم.

قال قتادة: نزلت يوم أحد والنبي صلّى الله عليه وسلّم فى الشّعب، إذ صاح المشركون: يوم بيوم، لنا العزّى ولا عزّى لكم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم»

وقد تقدم هذا برواية أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>