للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن أمر المؤمنين بترك المعاصي لأنها محبطة لثواب الأعمال الصالحة، وأمرهم بالتشمير عن ساعد الجد للجهاد ومقاتلة الأعداء نصرة لدينه، ووعدهم بأن الله ناصرهم وهم الأعلون، فلا ينبغى لهم أن يطلبوا المهادنة من العدو خورا وجبنا خوفا على الحياة ولذاتها- أكد هذا المعنى فأبان أنه لا ينبغى لكم أيها المؤمنون الحرص على الدنيا، فإنها ظل زائل، وعرض غير باق، وما هى إلا لذات مؤقتة لا تلبث أن تزول، وهى مشغلة عن صالح الأعمال، فلا يليق بكم أن تعضّوا عليها بالنواجذ، بل اعملوا لما يرضى ربكم يؤتكم أجوركم وهو لا يسألكم من أموالكم إلا القليل النزر الذي فيه صلاح المجتمع للمعونة على القيام بالمرافق العامة، دنيوية كانت أو دينية، وهو عليم بأنكم أشحة على أموالكم، فلو طلبها لبخلتم بها وظهرت أحقادكم على طالبيها، والله قد طلب إليكم الإنفاق فى سبيله، والقيام بما تحتاج إليه الدعوة، فإن بخلتم فضرر ذلك عائد إليكم، والله غنى عن معونتكم، وإن أعرضتم عن الإيمان والتقوى يأت الله بخلق غيركم يقيمون دينه، وينصرون الدعوة.

[الإيضاح]

(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) يقول سبحانه حاضّا عباده المؤمنين على جهاد أعدائه والنفقة فى سبيله، وبذل مهجتهم فى قتال أهل الكفر به: قاتلوا أيها المؤمنون أعداء الله وأعداءكم من أهل الكفر، ولا تدعكم الرغبة فى الحياة إلى ترك قتالهم، فإنما الحياة الدنيا لعب ولهو لا يلبث أن يضمحل ويذهب إلا ما كان منها من عمل فى سبيل الله وطلب رضاه.

ثم رغبهم فى العمل للآخرة فقال:

(وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) أي وإن تؤمنوا

<<  <  ج: ص:  >  >>