للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن أمر رسوله بتسبيح اسمه، وعلّم أمته المأمورة بأمر الله له، كيف يمكنها أن تعرف الاسم الذي تسبحه على نحو ما ذكرنا، ولا يكمل ذلك إلا بقراءة ما أنزل عليه من القرآن، فكان هذا مدعاة إلى شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على حفظه ومن ثم وعده بأنه سيقرئه من كتابه ما فيه تنزيهه، وتبيين ما أوجب أن يعرف من صفاته، وأحكام شرائعه كما وعده بأنّ ما يقرئه إياه لا ينساه.

[الإيضاح]

(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) أي سننزل عليك كتابا تقرؤه، ولا تنسى منه شيئا بعد نزوله عليك.

وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه القرآن أكثر من تحريك لسانه مخافة أن ينساه، فوعد بأنه لا ينساه.

ونحو الآية قوله: «وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ» وقوله: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ» .

وخلاصة ذلك- إنا سنشرح صدرك، ونقوّى ذا كرتك، حتى تحفظه بسماعه مرة واحدة، ثم لا تنساه بعدها أبدا.

ولما كان هذا الوعد على سبيل التأبيد يوهم أن قدرته تعالى لا تسع تغييره جاء بالاستثناء فقال:

(إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ) أي فإن أراد أن ينسيك شيئا لم يعجزه ذلك.

قال الفرّاء: إنه ما شاء أن ينسى محمد صلى الله عليه وسلم شيئا، إلا أن القصد من هذا الاستثناء بيان أنه لو أراد أن يصيّره ناسيا لقدر على ذلك كما جاء فى قوله:

«وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>