للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبيعة المؤمن أن يبنى أمره على اليسر والأمانة والصدق، ولا يبحث عن عيوب غيره.

ولكن لما كان همّ المناصبين من أهل الكتاب والمشركين إطفاء نور الدعوة، وإبطال ما جاء به الإسلام، والمسلمون لم يكن لهم غرض إلا نشر هذه الدعوة بسائر الوجوه التي يرونها كفيلة بإعلاء كلمة الدين- اختلف المقصدان، وافترق الغرضان، فلم يكن من الحزم أن يفضى الإنسان بسره إلى عدوه، ويطلعه على خططه التي يدبرها للفوز ببغيته على أكمل الوجوه وأحكمها، وأقربها للوصول إلى الغرض، ومن ثم حذر الله المؤمنين من اطلاع أعدائهم على أسرارهم، لما فى ذلك من تعريض مصلحة الملة للخبال والفساد.

أخرج ابن إسحق وغيره عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف فى الجاهلية، فأنزل الله فيهم هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة.

[الإيضاح]

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ، لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا، وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) أي لا تتخذوا أيها المؤمنون الكافرين كاليهود والمنافقين أولياء وخواصّ لكم دون المؤمنين، إذا كانوا على تلك الأوصاف التي ذكرت فى هذه الآية:

(١) لا يألونكم خبالا: أي لا يقصرون فى مضرتكم، وإفساد الأمر عليكم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

(٢) يتمنون ضركم فى دينكم ودنياكم أشد الضرر.

(٣) يبدون البغضاء بأفواههم، ويظهرون تكذيب نبيكم وكتابكم، وينسبونكم إلى الحمق والجهل، ومن اعتقد حمق غيره وجهله لا يحبه.

(٤) ما يظهرونه على ألسنتهم من علامات الحقد أقل مما فى قلوبهم منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>