للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤلم، وعذاب الحريق أي عذاب هو الحريق أي سننتقم منهم، عهد إلينا أي أمرنا فى التوراة وأوصانا، القربان: ما يتقرب به إلى الله من حيوان ونقد وغيرهما، والمراد من النار: النار التي تنزل من السماء، والبينات: هى المعجزات الواضحة، والزبر، واحدها زبور: وهو الكتاب، والمنير: الواضح.

[المعنى الجملي]

كان الكلام فيما مضى فى التحريض على بذل النفس فى الجهاد فى سبيل الله بذكر ما يلاقيه المجاهدون من الكرامة عند ربهم فى جنات النعيم.

وهنا شرع يحت على بذل المال فى الجهاد- والمال شقيق الروح- فذكر أشد أنواع الوعيد لمن يبخل بماله فى هذه السبيل، وأرشد إلى أن المال ظل زائل، وأن مدى الحياة قصير، وأن الوارثين والموروثين سيموتون ويبقى الملك لله وحده.

ثم ذكر مقالة لليهود قد قالوها ثم كذبهم فيها ثم سلى رسوله وأبان له أن تكذيبهم لك ليس ببدع منهم بل سبقوا من قبل بمثله من الأنبياء السابقين.

[الإيضاح]

(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) أي ولا يظننّ أحد أن بخل الباخلين بما أعطاهم الله من فضله ونعمه هو خيرا لهم، لأنهم مطالبون بشكران النعم، والبخل بها كفران لا ينبغى أن يصدر من عاقل.

والمراد من البخل بالفضل البخل به فى أداء الزكاة المفروضة، وفى الأحوال التي يتعين فيها بذل المال كالإنفاق لصد عدو يجتاح البلاد ويهدد استقلالها، ويصبح أهلها أذلة بعد أن كانوا أعزة، أو إنقاذ شخص من مخالب الموت جوعا.

ففى كل هذه الأحوال يجب بذل المال، لأنه يجرى مجرى دفع الضرر عن النفس.

وليس الذم والوعيد على البخل بما يملك الإنسان من فضل ربه، إذ أن الله أباح لنا الطيبات لنستمتع بها، ولأن العقل قاض بأن الله لا يكلف الناس بذل كل ما يكسبون ويبقون عراة جائعين، ومن ثم قال فى حق المؤمنين المهتدين «وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>