للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقبة- نهى عن التمني، وهو التعرض لها بالقلب حسدا، لتطهر أعمالهم الباطنة، فيكون الباطن موافقا للظاهر، ولأن التمني قد يجرّ إلى الأكل، والأكل قد يقود إلى القتل، فإن من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

[الإيضاح]

(وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ، لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا، وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) أي إن الله كلف كلا من الرجال والنساء أعمالا، فما كان خاصا بالرجال لهم نصيب من أجره لا يشاركهم فيه النساء، وما كان خاصا بالنساء لهن نصيب من أجره لا يشاركهن فيه الرجال، وليس لأحدهما أن يتمنى ما هو مختص بالآخر وقد أراد الله أن يختص النساء بأعمال البيوت، والرجال بالأعمال الشاقة التي فى خارجها ليتقن كل منهما عمله، ويقوم بما يجب عليه مع الإخلاص.

وعلى كل منهما أن يسأل ربه الإعانة والقوّة على ما نيط به من عمل، ولا يجوز أن يتمنى ما نيط بالآخر، ويدخل فى هذا النهى تمنى كل ما هو من الأمور الخلقية كالعقل والجمال، إذ لا فائدة فى تمنيها لمن لم يعطها، ولا يدخل فيه ما يقع تحت قدرة الإنسان من الأمور الكسبية، إذ يحمد من الناس أن ينظر بعضهم إلى ما نال الآخرون ويتمنّوا لأنفسهم مثله أو خيرا منه بالسعي والجدّ.

والخلاصة- إنه تعالى طلب إلينا أن نوجه الأنظار إلى ما يقع تحت كسبنا، ولا نوجهها إلى ما ليس فى استطاعتنا، فإنما الفضل بالأعمال الكسبية، فلا تتمنوا شيئا بغير كسبكم وعملكم، قاله الأستاذ الإمام محمد عبده بتصرّف.

فعلى المسلم أن يعتمد على مواهبه وقواه فى كل مطالبه، بالجد والاجتهاد مع رجاء فضل الله فيما لا يصل إليه كسبه، إما للجهل به، وإما للعجز عنه، فالزارع يجتهد فى زراعته

<<  <  ج: ص:  >  >>