للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة، فأغذ السير سريعا، إلى بلد يقال له: ساية، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا فى رءوس الجبال، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخطأه من غرتهم ما أراد، قال: لو أنا هبطنا عسفان، لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة. فخرج فى مئتى راكب من أصحابه، حتى نزل عسفان، ثم بعث فارسين من أصحابه، حتى بلغا كراع الغميم، ثم كر،

وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا، وهو يقول حين وجه راجعا: آيبون تائبون، إن شاء الله، لربنا حامدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر فى الأهل والمال.

٧٧- غزوة ذى قرد

ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلم يقم بها إلا ليال قلائل، حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزارى، فى خيل من غطفان، على لقاح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة، وفيها رجل من بنى غفار وامرأة له، فقتلوا الرجل، واحتملوا المرأة فى اللقاح.

وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمى، غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله، معه فرس له يقوده، حتى إذا علا ثنية الوداع، نظر إلى بعض خيولهم فأشرف فى ناحية سلع، ثم صرخ: واصباحاه! ثم خرج يشتد فى آثار القوم، وكان مثل السبع، حتى لحق بالقوم، فجعل يردهم بالنبل، ويقول إذا رمى: خذها وأنا ابن الأكوع، فإذا وجهت الخيل نحوه، انطلق هاربا، ثم عارضهم، فإذا أمكنه الرمى رمى، ثم قال: خذها وأنا ابن الأكوع.

وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع، فصرخ بالمدينة: الفزع الفزع! فترامت الخيول إلى رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>