للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريبا، ثم ظهر الخط الثلث. وعاش من القرن الخامس إلى ما يقرب من القرن التاسع، إلى أن ظهر القلم النسخ، الذى هو أساس الخط العربى إلى اليوم.

فلقد كتب القرآن بالكوفى أيام الخلفاء الراشدين، ثم أيام بنى أمية، وفى أيام بنى أمية صار هذا الخط الكوفى إلى أقلام أربعة. ويعزون هذا التشكّل فى الأقلام إلى كاتب اسمه «قطبة» وكان كاتب أهل زمانه، وكان يكتب لبنى أمية المصاحف.

وفى أوائل الدولة العباسية ظهر «الضّحاك بن عجلان» ومن بعده «إسحاق بن حمّاد» ، فإذا هما يزيدان على «قطبة» ، وإذا الأقلام العربية تبلغ اثنى عشر قلما: قلم الجليل، قلم السجلات، قلم الديباج، قلم اسطور مار الكبير، قلم الثلاثين، قلم الزنبور، قلم المفتتح، قلم الحرم، قلم المؤامرات، قلم العهود، قلم القصص، قلم الحرفاج.

وحين ظهر الهاشميون حدث خط يسمى: العراقى، وهو المحقن. ولم تزل الأقلام تزيد إلى أن انتهى الأمر إلى المأمون فأخذ كتّابه يتجويد خطوطهم، وظهر رجل يعرف «بالأحول المحرر» ، فتكلم على رسوم الخط وقوانينه وجعله أنواعا.

ثم ظهر قلم «المرصع» ، وقلم «النساخ» ، وقلم «الرياس» ، نسبة إلى ذى الرياستين الفضل بن سهل، وقلم الرقاع، وقلم غبار الحلبة.

فزادت الخطوط على عشرين شكلا، ولكنها كلها من الكوفى. حتى إذا ما ظهر ابن مقلة (٣٢٨ هـ) نقل الخط من صورة القلم الكوفى إلى صورة القلم النسخى، وجعله على قاعدة جميلة كانت أساسا لكتابة المصاحف.

وينقل المقرّى عن ابن خليل السّكونى: أنه شاهد يجامع «العديس» بأشبيلية ربعة مصحف فى أسفار ينحى به لنحو خطوط الكوفة، إلا أنه أحسن خطّا وأبينه وأبرعه وأتقنه، وأن أبا الحسن بن الطّفيل بن عظيمة قال له: هذا خط ابن مقلة.

ثم يقول المقرّى: وقد رأيت بالمدينة المنورة- على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- مصحفا بخط ياقوت المستعصمى «١» .

ولقد كانت وفاة ياقوت هذا سنة ٦٩٨ هـ «٢» ، وكان سبّاقا فى هذا الميدان.


(١) نفح الطيب (٦- ٤٠) .
(٢) الفهرست لابن النديم (ص: ٩) طبعة مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>