للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم سورة تعدلها سورة التوبة، ما أحفظ منها غير آية واحدة «ولو أن لابن آدم واد بين من ذهب لابتغى إليهما ثالثا، ولو أن لهم ثالثا لابتغى إليها رابعا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» .

كما يروون عن ابن مسعود أنه قال: أقرأنى رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فحفظتها وكتبتها فى مصحفى، فلما كان الليل رجعت إلى مصحفى فلم أرجع منها بشىء، وغدوت على مصحفى فإذا الورقة بيضاء.

فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يابن مسعود، تلك رفعت البارحة.

وهذا قسم يكاد سرده يدل عليه ويكشف عن سقوطه، فما أجّل الله حكيما عليما. وما كانت الرسالة تجربة بشرية يجوز عليها تعديل أو الوقوع فيما سينقض بعد حين. ولقد كان الرسول يحدّث المسلمين بحديثه ويقرأ عليهم وحى السماء، ولقد كان عليه السلام يعارضهم فيما حملوه عنه على التوالى حرصا على سلامة الوحى من أن يختلط به غيره، وكم من سامع خلط ما بين ما هو وحى وبين ما هو حديث للرسول، ولكنه كان بعد حين قليل مردودا إلى السلامة حين يلقى الرّسول، أو يقابل صحابيّا على بصيرة بما هو وحى وما هو حديث. وسرعان ما كانت تستقيم الأمور، ويبين هذا من ذاك، حتى إذا ما حان أن يقبض الله إليه رسوله كانت العرضة الأخيرة للقرآن، ولم تكن إلا لهذا ومثله.

٢- ما نسخ خطّه وبقى حكمه. ويروون لهذا خبرا عن عمر بن الخطاب، يقول:

لولا أكره أن يقول الناس قد زاد فى القرآن ما ليس فيه لكتبت آية الرّجم وأثبتها، فو الله لقد قرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ترغبوا عن آبائكم فإن ذلك كفر بكم. الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» .

وأحسب أن عمر لو صح هذا عنه، وأنه سمعها عن الرسول ما تخلّف عن أن يكتبها، ثم ألم يسمعها مع «عمر» غيره فيجعل منه شاهدا معه، إن كان «عمر» لا يرى أنه وحده مجزئ، اللهم إن هذا ينقض علينا تلك المعارضات التى كانت تتمّ بين الرسول والقارئين، وينقض علينا التفكير السليم، وما نحب لمن يعالج ما يتصل بكتاب الله إلا أن يكون ذا تفكير سليم.

٣- ما نسخ حكمه وبقى خطّه، وهذا شىء يقتضيه التشريع والانتقال من حكم إلى حكم، مثال ذلك الآيات التى تتصل بالقبلة، والتى انتهت بقوله تعالى يخاطب نبيّه: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «١» وكانت قبلها فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «٢» .


(١) البقرة: ١٤٤.
(٢) البقرة: ١١٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>