للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرأي الذي لم يؤصل على الدليل فنعم، وهي منقبة، وإن أريد أنه غير فَقيه: فقه الدليل، فهذا من جحود المحسوس، ونكران الملموس. وعلى كل حال فتلك شكاة ظاهر عنك عارها، وتحتجر المقولة في صدر قائلها؛ إِذ لا رصيد لها من الواقع، ولا دليل يسندها، والعبرة بالحقائق، والكُلُ إلى الله صائر.

ولعله بهذا تحصل القناعة للمنصفين، وتنقشع عن أبصارهم غشاوة المُشَنِّعين، ونكون قد أدينا بعض ما لعلمائنا علينا من حرمة يجب أن تُرعى، وحق يلزم أن يُؤَدَّى.

وإذا تجلَّى الحق لناظريه، فليعلم الناظر فيه، أَن هذه الدعوى: " الإمام أحمد محدِّث وليس بفقيه " هي من ولائد التحطط على عموم المحدثين، ورميهم من المغبونين، بأنهم: " زوامل أَسفار "؟

وقد قام الخطيب البغدادي ت سنة (٤٦٣ هـ) بتفنيد هذه الفرية وأن بواعثها أغراض نفسانية بلا مرية، وكشف عنها في كتابه النافع: " الفقيه والمتفقه " فاستجلى أَسبابها وجلى عن وجوه ردها، وسار من بعده على نهجه، فهم بها عيال عليه.