للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره على الجن هاهنا بخلاف المواضع الأخر وليعلم ان عداوة النفس واصحاب النفوس أشد وأصعب من عداوة شياطين الجن فان كيد الشيطان مع كيد الإنسان ضعيف وارباب القلوب لا يصغون الى زخارف اقوال اصحاب النفوس بل كلما تشتد عداوة الأعداء يقوى ايمان الأولياء

وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن

وانما يتسلط الشيطان على ابن آدم بفضول النظر والكلام والطعام وبمخالطة الناس ومن اختلط فقد استمع الى الا كاذيب وعن بعض الشيوخ ان الشيطان أشد بكاء على المؤمن إذا مات من بعض اهله لما فاته من افتتانه إياه فى الدنيا وإذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذي نحبى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا فعلى المؤمن ان يحترز من وساوسه وحديث نفسه ايضا كيلا يفتضح عند الله وعند الناس فانه روى ان الوسواس الخناس يخبر بما وقع فى قلب ابن آدم وحدث به نفسه وان لم يخبره لغيره كما حكى ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه ذكر امرأة فى نفسه فجعل الناس يتحدثون

به فيما بينهم واعلم ان قرين المرء من الجن إذا اسلم سلم من شره ومن الجن قوم مؤمنون منتفعون بعلوم كل البشر محبون- حكى- عن ابراهيم الخواص قال حججت سنة من السنين فبينا انا امشى مع أصحابي إذا عارضنى عارض من سرى يقتضى الخلوة وخروجا عن الطريق الجادة فاخذت طريقا غير الطريق الذي عليه الناس فمشيت ثلاثة ايام بليالهن ما خطر على سرى ذكر طعام ولا شراب ولا حاجة فانتهيت الى برية خضراء فيها من كل الثمرات والرياحين ورأيت فى وسطها بحيرة فقلت كانها الجنة وبقيت متعجبا فبينا انا أتفكر إذا انا بنفر قد اقبلوا سيماهم سيما الآدميين عليهم المرقعات الحسان فخفوابى وسلموا علىّ فقلت وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فوقع فى خاطرى انهم من الجن فقال قائل منهم قد اختلفنا فى مسألة ونحن نفر من الجن قد سمعنا كلام الله تعالى من محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وسلبتنا نغمة كلامه جميع امور الدنيا وقد عين الله لنا هذه البحيرة فى هذه البرية قلت وكم بيننا وبين الموضع الذي تركت فيه أصحابي فتبسم بعضهم وقال يا أبا اسحق لله عز وجل عجائب واسرار الموضع الذي أنت فيه لم يحضره آدمي قبلك الا شاب من أصحابهم توفى هاهنا وذاك قبره أشار الى قبر على شفير البحيرة حوله روضة ورياحين لم ار مثلها قبل ثم قال بينك وبين القوم الذين فارقتهم مسيرة كذا وكذا شهرا او قال كذا وكذا سنة فقلت أخبروني عن الشاب فقال قائل منهم بينما نحن قعود على شفير البحيرة نتذاكر المحبة إذ بشخص قد اقبل إلينا وسلم علينا فرددنا عليه السلام فقلنا له من اين اقبل الشاب قال من مدينة نيسابور قلنا له ومتى خرجت منها قال منذ سبعة ايام قلنا له وما الذي از عجك على الخروج من وطنك قال سمعت قول الله تعالى وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ قلنا له ما معنى الانابة وما معنى الإسلام وما معنى العذاب فقال الانابة ان ترجع بك منك اليه والإسلام ان تسلم نفسك له وتعلم انه اولى بك منك والعذاب الفرقة ثم صاح صيحة عظيمة فمات فواريناه وهذا قبره رضى الله عنه قال ابراهيم فتعجبت مما وصفوا ثم دنوت من قبره وإذا عند

<<  <  ج: ص:  >  >>