للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة على الإحصاء لاهل الدين ثلاثا. جنة الأعمال. وجنة الميراث. وجنة الامتنان لا جرم كانت انواع الإحصاء ثلاثة. التعلق فى مقام الإسلام. والتخلق فى مقام الايمان. والتحقق فى مقام الإحسان فاحصاؤها بالتعلق فى مقام الإسلام هو ان يتطلب السالك آثار كل اسم منها فى نفسه وبدنه وجميع فواه وأعضائه واجزائه وجزئياته فى جميع حالاته وهيآته النفسانية والجسمانية وفى جملة تطوراته وانواع ظهوراته فيرى جميع ذلك من احكام هذه الأسماء وآثارها فيقابل كل اثر بما يليق به كمقابلة الانعام بالشكر والبلاء بالصبر وغير ذلك فبمثل هذا الإحصاء يدخل جنة الأعمال التي هى محل ستر الأغراض الزائلة بالأعيان الثابتة الباقية وهى التي اخبر عنها ابراهيم الخليل عليه السلام بانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله واحصاؤها بالتخلق فى مقام الايمان يكون بتطلع الروح الروحانية الى حقائق هذه الأسماء ومعانيها ومفهوماتها والتخلق بكل اسم منها على نحو ما امر به من قوله عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) بحيث يكون المتخلق هو عين ذلك الاسم اى بنفعل عنه ما ينفعل عن ذلك الاسم فبمثل هذا الإحصاء يدخل هذا المتخلق جنة الميراث التي هى أعلى من الجنة الاولى بل هى باطنها المنزل منها بمنزلة عالم الملكوت من عالم الملك وهى المشار إليها بقوله عليه السلام (ما منكم من أحد إلا وله منزل فى الجنة ومنزل فى النار فاذا مات ودخل النار ورث منزله اهل

الجنة وان شئتم فاقرأوا أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) واحصاؤها بالتحقق فى مقام الإحسان يكون بالتقوى والانخلاع عما قام بك او ظهر فيك من الصور والمعاني المتسمة بسمة الحدوث والاستتار بسبحات الحضرة الحقية والاحتجاب بسجف أستارها وأعيانها: كما قال

تسترت عن دهرى بظل جناحه ... بحيث ارى دهرى وليس يرانى

فلو تسأل الأيام ما اسمى مادرت ... واين مكانى مادرين مكانى

فبمثل هذا الإحصاء يدخل المتحقق جنة الامتنان التي هى محل سرغيب الغيب المشار إليها بقوله عليه الصلاة والسلام (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وإليها الاشارة ايضا بقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) قال ابن ملك من أحصاها اى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء وعمل بمقتضاها بان وثق بالرزق إذا قال الرزاق وعلم ان الخير والشر من الله تعالى إذا قال الضار النافع فشكر على المنفعة وصبر على المضرة وعلى هذا سائر الأسماء وقيل معناه من عقل معانيها وصدقها وقيل معناه من عدها كلمة كلمة تبركا وإخلاصا وقال البخاري المراد به حفظها وهذا هو الأظهر لانه جاء فى الرواية الاخرى من حفظها مكان من أحصاها انتهى ولا يظن ان اسماء الله تعالى منحصرة فى هذا المقدار بل هى أشهر الأسماء ويجوز ان تتفاوت فضيلة اسماء الله تعالى بتفاوت معانيها كالجلال والشرف ويكون التسعة والتسعون منها تجمع أنواعا للمعانى المنبئة عن الجلال لا يجمع ذلك غيرها فتختص بزيادة شرف ويدل على ان اسماء الله تعالى كثيرة قوله عليه السلام (ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال اللهم انى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتى بيدك ماض فىّ حكمك اسألك

<<  <  ج: ص:  >  >>