للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يدعى العلم بمدة الدنيا ويستدل بما روى ان الدنيا سبعة آلاف سنة لانه لو كان كذلك كان وقت قيام الساعة معلوما واما قوله صلى الله عليه وسلم (بعثت انا والساعة كهاتين) وأشار الى السبابة والوسطى فمعناه تقريب الوقت لا تحديده كما قال تعالى فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها اى مبعث النبي عليه السلام من أشراطها انتهى يقول الفقير رواية عمر الدنيا وردت من طرق شتى صحاح لكنها لا تدل على التحديد حقيقة فلا يلزم ان يكون وقت قيام الساعة معلوما لاحد أيا من كان من ملك او بشر وقد ذهب بعض المشايخ الى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف وقت الساعة باعلام الله تعالى وهو لا ينافى الحصر فى الآية كما لا يخفى وفى صحيح مسلم عن حذيفة قال أخبرني رسول الله صلى الله

عليه وسلم بما هو كائن الى ان تقوم الساعة وفى الحديث (ان لله ديكا جناحاه موشيان بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب وقوائمه فى الأرض السفلى ورأسه مثنى تحت العرش فاذا كان السحر الأعلى خفق بجناحيه ثم قال سبوح قدوس ربنا الله لا اله غيره فعند ذلك تضرب الديكة أجنحتها وتصيح فاذا كان يوم القيامة قال الله تعالى ضم جناحك وغض صوتك فيعلم اهل السموات والأرض ان الساعة قد اقتربت) ومن اشراط الساعة كثرة السبي والتسرى وذلك دليل على استعلاء الدين واستيلاء المسلمين الدال على التراجع والانحطاط إذا بلغ الأمر كماله. ومنها كون الغنم دولا يعنى إذا كان الأغنياء واصحاب المناصب يتداولون باموال الغنيمة ويمنعون عنها مستحقيها وكون الزكاة مغرما يعنى يشق عليهم أداء الزكاة ويعدونها غرامة وكون الامانة مغنما يعنى إذا اتخذ الناس الأمانات الموضوعة عندهم مغانم يغتنمونها ومن الامانة الفتوى والقضاء والامارة والوزارة وغيرها فاذا آتوها الى غير أهاليها كما ترى فى زماننا فانتظر الساعة وفى رواية عن ابى هريرة (لا تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية والورع تصنعا ولا تقوم الساعة الا على شرار الخلق) فان قيل قد ورد فى الصحيح عن ابن عمر رضى الله عنهما (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) قيل معناه الى قريب قيام الساعة لان قريب الشيء فى حكمه واعلم ان القيامة ثلاث حشر الأجساد والسوق الى المحشر للجزا وهى القيامة الكبرى وموت جميع الخلائق وهى الوسطى ولا يعلم وقته يقينا الا الله تعالى وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا بعضا منها وموت كل أحد وهى الصغرى وفى الحديث (من مات فقد قامت قيامته) - وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يوما احوال جهنم فقال واحد من الاصحاب رضى الله عنه ادع لى يا رسول الله ان ادخل فيها فتعجبوا من قوله فقال عليه الصلاة والسلام (انه يريد ان يكون صاحب القيامة الكبرى) قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره نحن لا نعرف حقيقة مراده عليه السلام الا انا نوجهه بان يريد ان يشاهد القيامة الكبرى بان يصل الى مرتبة يتجلى فيها معنى قوله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فان السالك إذا جاوز عن مرتبة الطبيعة والنفس والروح والسر يغيب عنه ما سوى الله تعالى فلا يرى له غير الله تعالى فاضمحلال ما سواه وفناؤه هو القيامة الكبرى وهذه مرتبة عظمى لا يصل إليها الا اهل العناية: قال الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>