للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نثبت لهم ابدا والقى الله فى قلوب الكفرة الرعب بعد قيامهم للصف فقال عتبة بن ربيعة يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا من قريش نقاتلهم فقام إليهم بنوا عفراء من الأنصار عوذ ومعوذ امّهم عفراء وأبوهم الحارث فمشوا إليهم فقالوا لهم ارجعوا وأرسلوا إلينا أكفانا من بنى هاشم فخرج عليهم حمزة وعلى وعبيدة بن الحارث فقال على مشيت الى الوليد بن عتبة ومشى الى فضربته بالسيف اطرت يده ثم بركت عليه فقتلته فقام شيبة بن ربيعة الى عبيدة بن الحارث فاختلفا بضربتين ثم ضرب عبيدة ضربة اخرى فقطع ساق شيبة ثم قام حمزة الى عتبة فقال انا اسد الله واسد رسوله ثم ضربه حمزة فقتله فقام ابو جهل فى أصحابه يحرضهم يقول لا يهولنكم ما لقى هؤلاء فانهم عجلوا فاستحقوا ثم حمل هو بنفسه ثم حمل المسلمون كلهم على المشركين فهزموهم بإذن الله تعالى وفى حق هؤلاء السادات ورد (اطلع الله على اهل بدر) يعنى نظر إليهم بنظر الرحمة والمغفرة (فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) المراد به اظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ما شئت فعلى العاقل ان يقتفى باثرهم فى باب المجاهدة مطلقا: قال الحافظ

درره نفس كزو سينه ما بتكده شد ... تير آهى بگشاييم وغزايى بكنيم

وقال فى حق اهل الجزع

ترسم كزين چمن نبرى آستين كل ... كز كلشنش تحمل حارى نميكنى

اللهم اجعلنا من الصابرين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لقيه اى رآه زَحْفاً الزحف الدبيب يقال زحف الصبى زحفا من باب فتح إذا دب على استه قليلا قليلا سمى به الجيش الدهم المتوجه الى العدو لانه لكثرته وتكاثفه يرى كأنه يزحف وذلك لان الكل يرى كجسم واحد متصل فيحس حركته بالقياس اليه فى غاية البطيء وان كانت فى نفس الأمر فى غاية السرعة ونصبه على انه حال من مفعول لقيتم بمعنى زاحفين نحوكم. والمعنى إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جم وأنتم قليل فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فلا تولوهم أدباركم فضلا عن الفرار بل قابلوهم وقاتلوهم مع قتلكم فضلا عن ان تدانوهم فى العدد وتساووهم عدل عن لفظ الظهور الى لفظ الأدبار تقبيحا لفعل الفار وتشنيعا لا نهزامه والتولية جعل الشيء يلى غيره وهو متعد الى مفعولين وولاه دبره إذا جعله اليه وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ اى ومن يجعل ظهره إليهم وقت اللقاء والقتال فضلا عن الفرار فيومئذ هنا بمعنى حينئذ لان اليوم وان كان اسما لبياض النهار إذا اطلق لكنه إذا قرن به فعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ اما بالتوجه الى قتال طائفة اخرى أهم من هؤلاء واما بالفر للكر بان يخيل لعدوه انه منهزم ليغره ويخرجه من بين أعوانه ثم يعطف عليه وحده او مع من فى المكمن من أصحابه وهو باب من خدع الحرب ومكايدها يقال انحرف وتحرف إذا مال من جانب الى جانب آخر والحرف الطرف والجانب وانتصابه على الحالية والتقدير ومن يولهم ملتبسا بحال من الأحوال اية حال كانت الا فى حال كذا أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ اى منجازا الى جماعة اخرى من المؤمنين قريبة او بعيدة لينضم إليهم ثم يقاتل معهم العدو فالانهزام حرام

<<  <  ج: ص:  >  >>