للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ خَاصَّةً

قال الحدادي فى تفسيره نزلت فى عثمان وعلى رضى الله عنهما اخبر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بالفتنة التي تكون بسببهما انها ستكون بعدك تلقاها أصحابك تصيب الظالم والمظلوم ولا تكون للظلمة وحدهم خاصة ولكنها عامة فاخبر النبي عليه السلام بذلك أصحابه فكان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن بسبب على وعثمان رضى الله عنهما ما لا يخفى على أحد انتهى. والمعنى لا تختص أصابتها بمن يباشر الظلم منكم بل تعمه وغيره كاقرار المنكر بين أظهرهم والمداهنة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل فى الجهاد وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ولذلك يصيب بالعذاب من لم يباشر سببه وفيه تحذير من شدّة العقوبة لمن أهاج الفتن وفى الحديث (الفتنة راتعة فى بلاد الله واضعة خطامها فالويل لمن اهاجها) وفى بعض الاخبار (الفتنة نائمة لعن الله من

ايقظها) : قال السعدي

از ان همنشين تا توانى كريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز

قال القرطبي فان قيل قال الله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ وهذا يوجب ان لا يؤاخذ أحد بذنب غيره وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب فالجواب ان الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على من رآه ان يغيره فان سكت عليه فكلهم عاص هذا بفعله وهذا برضاه وقد جعل الله فى حكمه وحكمة الراضي بمنزلة العامل فانتظم فى العقوبة قاله ابن العربي انتهى قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدّس سره فى شرح الأربعين حديثا وأحيانا تظهر سلطنة العمل الفاسد فيسرى حكمها فى حال ذى العمل الصالح فيتضرر بذلك وان لم يتعد الضرر الى اعماله والاشارة الى ذلك قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا الآية وليس هذا بمخالف للاصل المترجم عنه بقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فان هذا الأثر لا يقع ولا يسرى بحكم ما به امتاز الصالح من الطالح بل بموجب ما به يثبت الاتحاد والاشتراك بينهما وقوله وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى لسان غلبته حكم ما به الامتياز وايضا ففعل الحق من حيث صدوره من جنابه وحداني كلى شامل لا تخصيص فيه بل التخصيص من القوابل المتأثرة وهذا عام فى الشر والخير ففى الشر ما ذكر فى قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً الآية وفى الخير ما أشار اليه عليه السلام فى الحديث المذكور فى حق الذين يجتمعون لذكر الله وكون الحق يباهى بهم الملائكة ويقول أشهدكم انى قد غفرت لهم وقول بعض الملائكة ان فيهم فلانا ليس منهم وانما أتاهم لحاجة فيقول الحق سبحانه وتعالى وله قد غفرت هم القوم لا يشقى جليسهم فهذا اثر عموم الحكم من جهة الحق وكليته واثر صلاح الحال الفاسد بمجاورة ذى الحال والعمل الصالح والحضور معه فتذكر انتهى كلام القنوى: وفى المثنوى

اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد «١»

واى آن زنده كه با مرده نست ... مرده كشت وزندكى از وى بجست

حق ذات پاك الله الصمد ... كه بود به مار بد از يار بد «٢»

مار بد جانى ستاند از سليم ... يار بد آرد سوى نار مقيم


(١) در اوائل دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان مجلس مع الله إلخ
(٢) در اوسط دفتر پنجم در بيان پاسخ دادن روباه إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>