للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهم نقضوا العهد قبل تمام المدة وكان ذلك سببا لفتح مكة وَإِنْ يُرِيدُوا اى الذين يطلبون منك الصلح أَنْ يَخْدَعُوكَ بإظهار الصلح لتكف عنهم فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ فان محسبك الله وكافيك من شرورهم وناصرك عليهم يقال احسبنى فلان اى أعطاني حتى أقول حسبى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ اى قواك بامداد من عنده بلا واسطة سبب معلوم مشاهد وَبِالْمُؤْمِنِينَ من المهاجرين والأنصار ثم انه تعالى بين كيف أيده بالمؤمنين فقال وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ [و پيوند افكند بدوستى ميان دلهاى ايشان] مع ما كان بينهم قبل ذلك من العصبية والضغينة والتهالك على الانتقام بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان وكان إذا لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنها قبيلته حتى يدركوا ثاره فكان دأبهم الخصومة الدائمة والمحاربة ولا تتوقع بينهم الالفة والاتفاق ابدا فصاروا بتوفيقه تعالى كنفس واحدة هذا من ابهر معجزاته عليه السلام قال الكاشفى [أوس وخزرج صد وبيست سال در ميان ايشان تعصب وستيزه بود همواره بقتل وغارت هم اشتغال مى نمودند حق تعالى ببركت تو دلهاى ايشانرا الفت داد]

يك حرف صوفيانه بگويم اجازتست ... اى نور ديده صلح به از جنك آورى

لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً اى لتأليف ما بينهم ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ اى تناهت عداوتهم الى حد لو أنفق منفق فى إصلاح ذات بينهم جميع ما فى الأرض من الأموال والذخائر لم يقدر على التأليف والإصلاح وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ قلبا وقالبا بقدرته الباهرة فانه المالك للقلوب فيقلبها كيف يشاء إِنَّهُ عَزِيزٌ كامل القدرة والغلبة لا يستعصى عليه شىء مما يريده حَكِيمٌ يعلم كيفية تسخير ما يريده واعلم ان التودد والتألف والموافقة مع الاخوان مع ائتلاف الأرواح وفى الحديث (المؤمن الف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) وفى الحديث (مثل المؤمنين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الاخرى وما التقى المؤمنان الا استفاد أحدهما من صاحبه خيرا) وقال ابو إدريس الخولاني لمعاذ انى أحبك فى الله فقال ابشر ثم ابشر فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (تنصب لطائفة من الناس كراسى حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فقيل من هؤلاء يا رسول الله فقال (المتحابون فى الله) قيل لو تحاب الناس وتعاطوا المحبة لاستغنوا بها عن العدالة فالعدالة خليفة المحبة تستعمل حيث لا توجد المحبة. وقيل طاعة المحبة أفضل من طاعة الرهبة فان طاعة المحبة من داخل وطاعة الرهبة من خارج ولهذا المعنى كانت صحبة الصوفية مؤثرة من البعض فى البعض لانهم لما تحابوا فى الله تواصوا بمحاسن الأخلاق ووقع القبول لوجود المحبة فانتفع لذلك المريد بالشيخ والأخ بالأخ ولهذا المعنى امر الله تعالى باجتماع الناس فى كل يوم خمس مرات فى المساجد من اهل كل درب وكل محلة وفى الجامع فى الأسبوع مرة من اهل كل بلد وانضمام اهل السواد الى البلدان فى الأعياد فى جميع السنة مرتين واهل الأقطار من البلدان فى العمر مرة للحج كل ذلك لحكم بالغة منها تأكيد الالفة والمودة بين المؤمنين وفى الحديث (ألا ان

<<  <  ج: ص:  >  >>